محنة الفلسطينيين فرضت التعاطف معهم

TT

تابعت باهتمام بالغ متابعات جريدة العرب الدولية لانعكاسات الانتفاضة الفلسطينية من خلال تغطية المظاهرات التي وقعت في دول العالم تجاوبا مع الشعب الفلسطيني في محنته التي يمر بها حاليا. ولا شك الآن ان الانتفاضة الفلسطينية أثبتت أن الشعوب تمتلك أدوات أقوى واكثر فاعلية من مستعمريها أمثال قوات الاحتلال الاسرائيلي التي اصبحت تقضي على كل ما هو أخضر ويابس في بلاد غصن الزيتون.

وبالرغم من بدائية الأسلحة التي يستخدمها المنتفضون في وجه أعدائهم ـ الذين يمتلكون اقوى وأحدث الأسلحة ـ فان صيحاتهم كانت أكثر فاعلية من تلك الأسلحة الثقيلة حتى لو كانت طائرات إف ـ 16 أو غيرها.

وكما كشفت الانتفاضة عن وجه العنصرية القبيح وبطش الصهيونية الماكرة فإنها كشفت أيضا عن معادن الشعوب العربية والإسلامية التي هبت لنصرة الحق الفلسطيني في تنظيم المظاهرات وخروج المسيرات التي طافت المدن العربية والاسلامية وحتى البلاد الاوروبية بل وأميركا نفسها الحليف الأول لذلك الكيان البغيض. وان كان لسان حالها يقول لشباب الانتفاضة: «إننا عجزنا أن نشارككم بالروح التي تقاتلون بها ولم يبق لنا سوى الدعاء بالنصر والتمكين وتنظيم المظاهرات للتنديد بالجرائم الصهيونية التي تتعرضون لها».

ولم تكشف الانتفاضة عن تضامن الجماهير المسلمة في الدول العربية والإسلامية فقط، بل كشفت أيضا عن عمق التضامن والتجاوب مع القضية الفلسطينية في مدن العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه، حيث هبت العناصر المحبة للسلام في شتى بقاع العالم تندد بجرائم الصهيونية وتشد من أزر الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

لقد أرغمت الانتفاضة الإعلام الرسمي في الدول العربية على التضامن معها والتركيز على نشاطها والمطالبة بدعمها وان تذبذبت هذه المطالبات صعودا وهبوطا، إلا أنها في كل الأحوال أيقنت أن خيار المقاومة للمحتل لا يقل بحال عن الخيار الاستراتيجي الذي اختاره العرب لأنفسهم في قمة القاهرة عام .1996 وفي كل الأحوال فإن الانتفاضة تمكنت بصدق من تحريك الشارع العربي والاسلامي للتفاعل معها. واذا أخذنا الشارع المصري كنموذج فاننا نجد الانتفاضة تسببت لأول مرة في إعطاء الضوء الأخضر بهذا الشكل من جانب السلطات الأمنية لطلاب المدارس والجامعات والمثقفين للتظاهر ضد العدوان الصهيوني ودعم الانتفاضة خاصة أن هناك ادراكا بأهمية العمق الفلسطيني للأمن القومي المصري.

لم يكن غريبا على انتفاضة الشعب الفلسطيني أن تحرك غضبة أطفال المدارس والسيدات الذين خرجوا جميعا الى الشوارع يهتفون ضد الممارسات الاجرامية لقوات الاحتلال مطالبين قادة الدول العربية والاسلامية بالتدخل لدعم المقاومة الفلسطينية.