استقلالية القرار السوداني وسيادة الدولة

TT

طالعت خبرا في صحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ 2002/5/5 بعنوان «نائب البشير: ثلاث دول فقط تملك قرارها: اميركا واسرائيل والسودان»، ذكر النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، بأنه لا توجد دولة مستقلة بقرارها ما عدا الولايات المتحدة واسرائيل والسودان، وكانت في السابق كوبا ضمن هذه البلدان ولكنها تراجعت الآن بعد احداث افغانستان الاخيرة، كما استبعد ان يكون الحوار السوداني ـ الاميركي جزءا لا يتجزأ من تلك الضريبة التي تدفعها بعض الدول غير المستقلة بقرارها او انه هدف لاركاع السودان، كما انه دافع بشدة عن تراجع السودان الى الخلف. وبدا غريبا ان يفصح رجل مثله وامام الملأ عن عبارات كهذه تعتبر اساءة الى العديد من الاقطار العربية علما بان السياسة لعبة مصالح ولا تعتمد على المبادئ، لان الاخيرة قد تكون غير متماشية مع المصالح، لذا يفضل ان تؤخذ المصالح وتترك المبادئ. وخير دليل على ذلك وقوف السودان الى جانب روسيا اخيرا في حربها مع الشيشان، مع العلم ان السودان كان مؤيدا من قبل للشيشان كشأن اي دولة اسلامية. والآن يفتح السودان ابوابه على مصراعيها للولايات المتحدة وذلك من اجل مطاردة الجماعات او المنظمات الارهابية، والتأكد من خلو البلاد من تلك التنظيمات كما تزعم واشنطن وحلفاؤها في الغرب، مع العلم ان حزب المؤتمر الشعبي استاء من هذه الخطوة واعتبرها مساسا بسيادة الدولة وقرارها السياسي. ويتساءل الفرد اي استقلالية هذه اذاً؟! اما عن الوضع الاقتصادي للسودان او ممارستنا للديمقراطية التي توصف بالافضل من غيرها فنحن كسودانيين مهاجرين ومغتربين في ارض الله الواسعة بسبب سوء التخطيط وتخبط الادارة السياسية في قرارها، ثم بسبب الحرب الاهلية التي قضت على الاخضر واليابس وادت الى المجاعة والفقر والقحط الذي لم تعرفه البلاد من قبل. وللاسف الشديد فان المسؤولين يثنون على فترة حكمهم ويصفونها بالفريدة المزدهرة وبالاعجاز ايضا.