الموضوعية والنظرة الأحادية لدى فريدمان

من الأفضل لمؤيدي إسرائيل اقناعها بتنفيذ القرارات الدولية وقبول السلام العربي

TT

تعليقا على ما نشر في صحيفة «الشرق الأوسط» في العدد 8584 يوم الخميس 2002/5/30 بعنوان «حتى لا تقع الحرب العربية الاسرائيلية السابعة»، يقول فريدمان: «قد دفعت حرب العمليات الانتحارية الى ابعاد الحزب الوحيد القادر على منح دولة للفلسطينيين، وهو الاغلبية الاسرائيلية الصامتة، يمكننا القول ان كل تاريخ العملية السلمية قد تم اختصاره في نقطة واحدة اذا اقنع الفلسطينيون الاسرائيليين بأنهم مستعدون للعيش بسلام جنبا الى جنب معهم فإنهم سيحصلون على دولة». ان فن الاقناع يعتبر من العناصر الجوهرية والضرورية في كافة الميادين الاتصالية والتعليمية والتفاوضية والفنية والرياضية والبحثية، ويعتبر مقدمة منطقية لكافة الاعمال والافكار والكتابات الجادة التي تهدف لاقناع متلقي الرسائل الاتصالية بوجهات نظر مرسليها، ومن ثم الحصول على تأييدهم، وهو ألزم ما يكون لكل العاملين في كافة وسائط الاتصال، ويدرَّس اليوم كمادة علمية في كليات الاتصال في معظم جامعات العالم. واذا طبقنا هذه القاعدة في ما ذكره فريدمان فإن نسبة %100 من القراء، على مستوى العالم، سوف لا يقتنعون، لا سيما بعد ان قدمت الدول العربية، من خلال مؤتمر القمة، مبادرة سلام تاريخية غير مسبوقة من أجل تحقيق السلام الدائم. ولكن لم يكن الرد الاسرائيلي الا محاصرة رئيس دولة معترف به من قبل معظم دول العالم، وبما فيها اسرائيل نفسها والاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات التي عقدت بين المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين في البيت الابيض الاميركي ومدريد وأوسلو ومصافحة الراحل اسحق رابين للرئيس ياسر عرفات في البيت الابيض، كلها تؤكد بجلاء اعتراف اسرائيل به، بالاضافة لتدميرها كافة البنية التحتية الفلسطينية وارتكابها مجزرة جنين وفرض حصار يتنافى مع كافة القيم الاخلاقية والمواثيق الدولية والدينية، واستخدام طائرات الفانتوم والآباتشي والطائرات من دون طيار والقنابل العنقودية الاميركية ضد شعب أعزل يطالب بأن تكون له دولة مثل كل شعوب العالم. ثم ان حزب الاغلبية الصامتة، هو الذي انتخب شارون رغم معرفته بماضيه الاجرامي، وعدم رغبته بالسلام، ولو كان شارون جادا في تحقيق السلام ونبذ الحرب لما زار المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لا سيما ان الزيارة الاستفزازية كانت لها تداعيات خطيرة وجسيمة على مسار العملية السلمية، ولما رفض مصافحة الرئيس عرفات. ثم نتساءل كيف يتهم فريدمان السعوديين والمصريين بتشجيع الارهاب، لا سيما انهم أدانوا بقوة احداث 11 سبتمبر المؤسفة، وطالبوا بعقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب، بينما لم يحمل اسرائيل مسؤولية خلق بؤر التوتر واللااستقرار في منطقة الشرق الاوسط بعدم تنفيذها القرارات الدولية منذ الاربعينات من القرن الماضي، وابرزها القرار رقم 181 وقرار رقم 242 وقرار 1405، واساءة قادة اسرائيل ورجال الدين، وعلى رأسهم الحاخام عوفاديا يوسف وايهود باراك الذي نعت العرب والمسلمين بالكذب بينما قادة اسرائيل يمارسون الاكاذيب بوضوح في رابعة النهار؟

صفوة القول ان العرب عبروا عن رغبتهم الصادقة في السلام الدائم والعادل مع اسرائيل، من خلال مبادرة السعودية التي اصبحت مبادرة عربية، ومن خلال تبنيهم للسلام كاستراتيجية ونبذهم للحرب في كافة صورها، ولكن اسرائيل لا تريد السلام وممارساتها اليومية في الاراضي العربية المحتلة تؤكد ذلك، لذا من المنطق والحكمة ان يعمل الكتاب الاسرائيليون ومؤيدو اسرائيل على اقناع قادتها بتطبيق القرارات الدولية والانسحاب الكامل من كافة الاراضي التي تحتلها مع تقديم الاعتذار والتعويضات للشعب الفلسطيني أسوة بالاعتذارات والتعويضات التي حصلت عليها من المانيا وغيرها، اذا كانت راغبة حقا في السلام والعيش مع جيرانها العرب، لا سيما ان سجل العرب والمسلمين مشرف وعظيم في معاملة اليهود عبر التاريخ ولم يتعرض اليهود في كافة الدول العربية والاسلامية لأي نوع من التفرقة او سوء معاملة ولا مكان لكلمة «الغيتوهات» التي شهدتها المجتمعات الغربية في القاموس العربي الاسلامي.