حرب السودان المنسية.. لها اللّه!

TT

سعدت بقراءة الرائع حقا أحمد الربعي في مقاله بالعدد 8617 (2002/7/2)، لقد تفضل الربعي وهزّ الدول العربية بعنف، أو برفق (سيّان)، علّها تسهم في وضع حد للمأساة التي تكتنف السودان شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، فالحرب التي تخلف الدمار والدماء في الجنوب، لها آثارها المدمرة ايضا في كل شبر من السودان، فقد قيل إنها تحرق يوميا اكثر من مليون دولار أميركي، والدماء الزكية التي تسيل جنوبا وشرقا هي لأبناء البلد الواحد، والأموال المهدورة كان المفروض أن تصب في نهر التنمية وتأهيل مشاريع الزراعة والكهرباء ومياه الشرب والتعليم والصحة والنقل، فكلها قطاعات تعاني من قصور فاضح في مقومات البقاء والعطاء.

أما الدول العربية التي دعاها الربعي للمساهمة في حل المشكلة السودانية، فإن أحسن ما قامت به نومها المبكر، وسكوتها عن التدخل في الشأن السوداني، فالسوابق تشهد أن أي تدخل من الدول العربية لحل نزاع ما سوف يطيل أمده ويشعل أواره، ويؤخر حله لعقود من الزمان. وقد شهد على ذلك الربعي بقوله: «ومع كل هذا التراث من ممارسة الوساطات الفاشلة.. الخ»، وطالما الأمر كذلك، فعلى العرب مشكورين أن ينتبهوا لقضيتهم الأولى «فلسطين»، وفقهم الله وسدد على طريق الخير خطاهم، فهذه المبادرة المصرية ـ الليبية المشتركة لإنهاء النزاع المسلح في السودان، تراوح مكانها منذ ميلادها، وما زالت تحبو حتى اليوم، وأحسبها أصيبت بشلل الأطفال قبل أن تولد!.

أما السودان وآلامه وآماله، فله الله وحده سبحانه وتعالى، ثم أميركا، فها هي الصديقة الأميركية تتحرك بحذر، ووفق خطوات مدروسة، فأوقفت نزيف الدماء في منطقة جبال النوبة في وقت قياسي، وحقنت دماء عزيزة لمدة ستة أشهر، جددتها لفترة مماثلة اعتبارا من هذا الشهر، وغدا سوف نشهد تجربة مماثلة تغطي كل مناطق الجنوب الحبيب، إنها أفكار وخطط سيدة القوة صاحبة الجبروت، وصاحبة المصالح التي تطغى على غيرها من الاعتبارات، فلا مكان للعواطف في عالم المادة والمصالح الاقتصادية.

أحباؤنا العرب الذين دعاهم الربعي للمساهمة في حل مشكلتنا الأزلية، يبدو أن مصالحهم ومشاربهم وأمزجتهم لا تتفق مع أجوائنا الحارة الخانقة، فجزاهم الله كل خير عن انصرافهم عن السودان ومشاكله، والشكر موصول للربعي على حسن نياته، فقط اتركونا لله، ثم لأميركا!.