الفضائيات العربية كشفت المحظور

TT

الطريقة التي تدار بها مجريات أحداث انتفاضة الأقصى إعلاميا، تدل على الارتجالية والسطحية نسبة لعدم وجود أي منهجية، أو استراتيجية إعلامية على مستوى العالم العربي أو الإسلامي تدار بها مثل هذه الأزمات، والاستفادة منها في إقناع الرأي العام العالمي كما يفعل الإعلام الغربي الذي يسيطر عليه اليهود، الذين استطاعوا تصوير بعض مشاهد الانتفاضة وعكسها بصورة همجية ومليئة بالسخرية وكأننا، نحن العرب، نعيش في عالم آخر مليء بالإرهاب وحب سفك الدماء وما هؤلاء الأطفال إلا ضحية حلقة من حلقات هذا الإرهاب الذي يتبناه العالم العربي والإسلامي ضد هؤلاء اليهود الضعاف والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة، الذين كانت جريمتهم هي أنهم اختاروا العيش في أرضهم وأرض آبائهم أرض الميعاد. وصدقوني ان هذه الأكذوبة وجدت طريقها في عقول شعوب الغرب وأصبح العديد منهم يتعاطف معهم وجدانيا خاصة من أبناء جلدتهم اليهود، واستطاعوا أن يعكسوا النتيجة التي كان من المفترض أن يحصل عليها الإعلام العربي من تعاطف ودعم، لذلك أصبح الطفل الذي يستشهد من أجل تحرير الأقصى ينظر له كأنه ابن حيوان مفترس ضال، يجب قتله، كما نقتل الكلاب الضالة وغير المرغوب بها داخل المدن، حفاظا على أرواح البشر، شعب الله المختار أبناء اليهود.

فكثير من القنوات التلفزيونية العربية منها والإسلامية همها الأول والأخير فقط ينصب في استضافة أحد المسؤولين من الرؤساء والوزراء، ليحاصر بأسئلة عقيمة ليس لها أي مدلول أو هدف إعلامي محدد غير أنها تدور في فلك مغلق يتمحور حول الأسئلة النمطية التي تهدف إلى كيل من الاتهامات الباطلة وكأن هذا المسؤول أمام تحقيق قضائي، مما ساعد ذلك على خلق بلبلة وتشويش للرأي العام، في وقت كان من المفترض فيه أن تساهم هذه القنوات في لمّ الشمل وتضميد الجراح وتوحيد الصفوف وعكس ما يدور في الشارع الفلسطيني من اضطهاد للعرب من قبل اليهود، وأن هؤلاء الفلسطينيين يواجهون الآن حربا عرقية إبادية، الشيء لم يسلم منهم حتى الأطفال والنساء والعجزة كما حدث ذلك للمسلمين في البوسنة والهرسك وعلى أيدي الصرب.

وبعض القنوات الفضائية العربية تخصصت في محاولة كشف المحظور من معلومات عسكرية واستراتيجية وتعدت الخطوط الحمراء، اعتقادا منها بأن ذلك يعتبر سبقا إعلاميا، في وقت يحاول فيه اليهود الحصول على هذه المعلومات بأي أسلوب كان ومجندين لذلك جميع إمكانياتهم الاستخباراتية للحصول على هذه المعلومات المهمة التي أصبحت الآن تحصل عليها عن طريق وسائل الإعلام العربية وعلى طبق من ذهب ومن دون أي عناء، مما أضر بالقضية العربية برمتها ضررا بالغا.

لذلك أناشد القائمين على وسائل الإعلام المختلفة بتوخي الحيطة والحذر والسعي في وضع استراتيجية قومية وميثاق شرف خاص بقضايانا القومية، ووضع الخطوط الحمراء المطلوب عدم تجاوزها مهما كانت الدواعي والأسباب والبعد بها عن حملات الابتزاز والانزلاق الإعلامي، التي تعتبر في خطورتها أشد ضررا من نتائج مقاومتنا للعدو الصهيوني نفسه.