الهجوم على كسلا صفعة قوية في وجه الحكومة السودانية

TT

ما تعرضت له مدينة كسلا الحالمة، تلك المدينة الخضراء التي تعتبر قبلة للسياحة من داخل السودان وخارجه أخيرا، كان بمثابة صفعة قوية في وجه الحكومة التي حتى الآن لم تقدم الحقائق وراء تمكن قوات التمرد من عبور الحدود لتصل إلى قلب المدينة وعلى بعد أقل من كيلومتر واحد من مقر والي الولاية بل وتتمكن من السيطرة وإثارة الذعر في المكان الذي يضع كل سكان الولاية آمالهم في أنه الملاذ الوحيد بالنسبة لهم في توفير الحماية والأمن لهم، وقد صبر المواطنون طوال السنوات التي تعرضت لها ضواحي المدينة من هجمات وغارات أودت بخيرة شباب السودان والمدينة على أمل أن تكون القوات المسلحة والدفاع الشعبي هما صمام الأمان الذي يعيد الطمأنينة والسكينة لهم، لكن ها هم اليوم يفاجأون بأن يصل عدوهم الذي ظل يناوشهم منذ زمن بعيد من على بعد تفاجأوا به وهو يفعل بهم وبقيادتهم العسكرية الأفاعيل.

وبصفتي من مواطني هذه المدينة وأعرف تماما الكثير مما يدور في أروقة دواوينها الرسمية فإنني بداية أتقدم بالعزاء لأسر الشهداء وأدعو الله بشفاء الجرحى وأدعو المواطنين لحراسة مدينتهم بأنفسهم بعد أن عجزت حكومتهم وبكل أسف لا أتمالك نفسي إلا أن أقول إن الأمر الآن أصبح في غاية الخطورة ولا يمكن السكوت عليه ليس في ما يتعلق بحركة التمرد فهذه أمرها معروف لدى الجميع، لكن بالنسبة لحكومتنا التي كنا نتوقع أن يصدر رئيسها الموقر قرارا صبيحة الحادث بإقالة حكومته لأن هذا الأمر لو حدث في أي دولة من الدول المتقدمة لكان نتيجته استقالة تلك الحكومة، أو على الأقل بل الواجب أن يعزل حكومة الولاية التي ما رأينا لها خيرا قط منذ تكوينها، وفي هذا المقام أذكر ذلك الوالي الشجاع الهمام ذا الحكمة والفطنة والدهاء اللواء معاش أبو القاسم إبراهيم محمد الذي استبدله أهل المنطقة بالوالي الحالي ذلك لأنه من أبناء قبائل الشرق، ولو كان كفؤا وقادرا على قيادة الولاية لما قيل عنه شيء، لكن منذ مجيئه لم يقدم للولاية أي شيء يذكر بل ليست لديه أية مقومات لقيادة شعب تميز بمزيج سكاني وتركيبة قومية فريدة، شكلنا فيه نحن أهل شرق السودان وأبناء المنطقة الأصليين الأغلبية، لكن صحب ذلك جهل وأمية ساحقة تسببنا فيها نحن المتعلمين فلا يوجد الآن في كسلا قيادي واحد من أبنائنا ـ سوى القليل الذي في حاجة إلى مزيد من الصقل ـ يمكن أن نعتمد عليه في إسناد أي من الأمور البسيطة ناهيك بقيادة أمر شعب بأكمله. إن واليا كوالي كسلا الذي يضحك وهو يخاطب تلك الوجوه المكلومة من فقد عزيز أو ترويع صغير لا يصلح أن يكون مسؤولا عن عشرة من الناس وقد حدث هذا ورأيناه بأم أعيننا عند مخاطبته للكثير من التجمعات وآخرها هذه الحادثة.

يجب على البشير إصدار قرار شجاع بإقالة حكومة الولاية وتكوين حكومة عسكرية بقيادة عسكري خبير بشؤون المنطقة وما أكثرهم وإقالة قائد المنطقة العسكرية ومدير الأمن والشرطة وكل القوات ذات الصلة وإبدالهم بمن هم قدر المسؤولية حتى تسوى كل الأمور على وجهها الصحيح. إن قرارا كهذا من شأنه أن يعيد ثقة المواطنين في دولتهم ويجدد من معنوياتهم لأنه ما من مواطن في المدينة تطلب منه إبداء الرأي في حكومة الولاية إلا ويذكر من دون تردد عدم صلاحيتها لما يراه من ممارسات وعدم جدية في تسيير أمور الولاية.

وخلاصة الأمر عندي أن بقاء هذه الحكومة على قيادة الولاية يجعل مواطني كسلا يعيدون النظر في مدى ولائهم في حكومتهم المركزية. وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو عثرت دابة لكنت مسؤولا عنها فها هي كل الدواب وقد تعثرت فأعانك الله أيها البشير ولا تتردد في اتخاذ هذا القرار فإنه بداية الحل والله الموفق.