بسبب عقدة الخواجا .. العرب زاحفون نحو الانقراض حقا

TT

مقال «هل العرب في طريقهم إلى الانقراض؟» المنشور في العدد 8/3/2003، اثار في نفسي الكثير من الشجون. واتفق تماما مع ما ذهب اليه كاتبه «عدنان كامل صلاح»، من ان مأساة العرب اليوم هي نتاج طبيعي لمركب عقدة النقص. وأود ان اتمنى على كتاب «الشرق الأوسط» الذين يستعملون المفهوم الغربي لمصطلح «العصور الوسطى» ان يتوقفوا عن ذلك. اذ ان كلمة renaissance والتي يترجمها البعض خطأ الى «النهضة» تعني حرفيا، حسب القاموس الامريكي «وبستر» ، «الميلاد الجديد» وكلمة medieval تعني العصور الوسطى بين الازدهار الأثيني والروماني وريادة الحضارة الغربية الحالية. أي بمعني آخر فالعرب والمسلمون اليوم في عصورهم الوسطى التي لن تنتهي الا بخروج امة كانت خير امة اخرجت للناس من الدرك السحيق الذي هوت اليه. وصدقوني ان الضيق واستحكام الحلقات ما هو الا التحدي الذي ستستجيب له هذه الامة بالقيام من عثرتها.

نعم! إن «عقدة الخواجة» هي اكبر المشكلات التي تواجه المسلمين اليوم; وفي سورة يُوسف نجد الحديث عن شظف العيش الذي يدفع المؤمن الى الارتحال المتكرر الى مصر، دولة الريادة الحضارية حينها، بحثا عن ما يسد الرمق. وذلك عن طريق التجارة «وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمَْ» (يُوسف 62) ولربما ايضا البحث عن المساعدات (او التصدُق) «فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ» (يُوسف 88). والقصة لا تنتهي هنا، فالفصل التالي منها يتحدث عن الانصهار الحضاري حيث نجد الاسرائيليين يتشبثون بأخلاقيات المجتمع الجديد لدرجة تُقارب النسيان الكامل لعقيدة التوحيد الابراهيمية الحنيفة. ولذا نجد ان جُل عجائز بني اسرائيل ما صدقوا بموسى عند بعثته، وانما اتبعه شبابهم. ويحدثنا القرآن الكريم عن الخروج من مصر ونلحظ هنا ان المولى جلّ وعلا جعل اليهود يتخذون طريقاً اطول الى فلسطين عبر البحر الاحمر وذلك ليريهم معجزة إهلاك فرعون وجنده. ان من اصعب المحن التي تواجه المسلمين اليوم الفكر السلبي الدخيل الناجم عن «عقدة الخواجة». فالإسلام دين يوازن بصورة فريدة بين متطلبات البشر الروحية والحياتية. وبالرغم عن ذلك تجد ان البعض يود سلب المسلمين من اكبر مصدر لقوتهم واستبداله بما ادى للانحلال الخلقي المنبثق من إقصاء الدين عن الحياة في الغرب.