صدام قد ينتهي بالبندقية التي أتت به إلى حكم العراق

TT

بعض العرب ومن بينهم بعض الساسة العرب، إما أنهم تدروشوا أو أنهم لا يعرفون الواقع العربي، هؤلاء يقولون إن أفضل حل لمشكلة العراق هو أن يستقيل صدام حسين ويهاجر حماية للشعب العراقي. يستقيل ويهاجر صدام من أجل الشعب لماذا؟ ماذا يربط صدام بالشعب العراقي، هل انتخبه الشعب أو هل طلب منه احتلال الكويت سنة 1990؟، صدام جاء إلى الحكم ببندقيته ولمصلحته الخاصة، ولجعل العراق مزرعة خاصة له ولأولاده وأسرته، ولجعل الشعب عبيداً له.

الشعب لم يطلب منه القيام بانقلاب باسمه، ولهذا فهو لا يدين للعراقيين بأي فضل، بل العكس، يعتقد انه هو الذي يرزقهم من ماله ويؤمنهم من خوف. ان الشعب العراقي لا حق له أن يسأله عما يفعل وليس له سوى الطاعة، وإلا فإن بندقيته التي أتت به إلى الحكم سوف توجه لمن يخالف أوامره.. كلنا يعرف هذا ويعرف ان صدام ليس وحده الذي يعتقد هذا، بل ان أكثر الحكام العرب يعتقدون الشيء نفسه، ويسلكون النهج نفسه!.

ان الادعاء بالقضاء على صدام لتدمير العراق وجيشه وقتل الشعب العراقي بأحدث الأسلحة الفتاكة في هذه الحرب الدائرة اليوم، حجة رخيصة. ان التخلص من صدام شيء وتدمير العراق والاستيلاء على العراق وثرواته وإمكانياته شيء آخر. صدام قد ينتهي بالبندقية التي أتت به إلى الحكم، ولأميركا سبل كثيرة للتخلص منه منذ وصوله إلى الحكم، لكنها استعملته لغاياتها ومكنته من الاستمرار في حكم الشعب العراقي بالحديد والنار وزودته بالدعم والأسلحة لتهديد جيرانه، واليوم ما هو ذنب الشعب العراقي أن يعامل بمثل هذه القسوة الوحشية من طرف اقوى دولة في الكون ودولة ذات تاريخ استعماري شنيع معروف والعالم يكتفي بالاحتجاج والتظاهر.

والعالم اليوم يعيش مأساة العودة إلى عهود الاستعمار الغابرة، وسيطرة القوي على الضعيف، بحجج الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقضاء على الإرهاب الذي يستعملونه بدورهم لتحقيق مآربهم من دون خجل، وهي الحجج نفسها التي جاء بها الاستعمار القديم من أجل تعمير الأرض والنهوض بالشعوب، والغريب ان نرى اليوم كثيرا من أهل الفكر والإعلام يستعملون من طرف هذه القوى الكبرى لهذه الغاية.