غزو العراق لن يكون الأخير.. والكحيل كأنه يعيش معنا برسومه

TT

بالرغم من رحيله عنا لا تزال رسومات الفنان الراحل محمود كحيل التي تنشرها «الشرق الأوسط» يوميا تمثل تجسيدا حقيقيا لما يسمى باعادة التاريخ لنفسه، ولكن هذه الاعادة جاءت بصورة معكوسة هذه المرة في هذه الايام الصعبة التي نعيشها، في عام 1990 العراق يغزو الكويت يتعاطف العالم مع الضحية هذا البلد الصغير المسالم يرفع الظلم وتعود الكويت حرة. اليوم اميركا تغزو العراق عن طريق الكويت واصبح الذين تعاطفوا مع الكويت عند احتلالها بالامس في حيرة من امرهم، اصابهم الدوار وربما لو كان الغزو الاميركي يستند الى الشرعية الدولية لما احسسنا بالحيرة واضطراب المواقف بهذا القدر الذي نشعر به بالرغم من ان رؤية بلد عربي مسلم يمثل عاصمة الحضارة الاسلامية العربية يتعرض للدمار والتقتيل لن يسر احدا.

وفي رأيي المتواضع ولست اول من يزعم بأن الغزو الاميركي للعراق ليس من اجل حرية شعب العراق ورفاهيته كما يزعم الغزاة ومن يسير في فلكهم من مثقفين وكتاب وكما يؤكد العارفون ببواطن الامور هناك سيناريو سري معد منذ السبعينات وينفذ على مراحل ولن يكون سقوط بغداد اذا حدث لا سمح الله هو نهاية هذا المخطط. فمن يمنع اميركا بعد اليوم من ان تهاجم اي دولة عربية مهما كانت هذه الدولة بأي حجة او مبررات. امامك خارطة العالم العربي لا احد بمأمن، واذا حدث هذا لن يتغير الموقف، نفس المشهد سيتكرر، لا احد يحرك ساكنا وكأنه لا توجد بنود دفاع مشترك في مواثيق الجامعة العربية ولا حياة لمن تنادي ولا اخوة ولا يحزنون وعلى هذه الدولة التي وقع عليها الخيار الاميركي ان ترضخ لمصيرها وتسلم وتقدم فروض الولاء والطاعة للغزاة.

وانني اتساءل لماذا لا نسمي الاشياء باسمائها في الاعلام العربي، ان ما يحدث للعراق هو غزو بربري همجي وليس حرب الخليج الثالثة او الحرب في العراق او تحرير العراق أو... كما يزعم. واذا كنا متفقين بأن هذه الحرب ليست شرعية فلنسمها بالاسم الذي يليق بها ألا وهو «غزو العراق» اميركا التي لا تزن مثقال ذرة في ميزان الحضارة الانسانية وليس لها تاريخ حضاري يذكر على وشك ان تدمر اعظم حضارة عرفتها الانسانية والتي يمثلها العراق بعنجهيتها وقوتها الغاشمة، ان هذه الحرب ستعمق الجراح بين الشعوب العربية وتزيد من التباعد بين الجارتين العراق والكويت. اضافة الى الآثار الجانبية الأخرى التي لا يعلم مداها الا الله.