سر نجاح الشباب العربي في الغرب

TT

كثيرون يتساءلون عن سبب نجاح الشباب العربي في الغرب وفشلهم في اوطانهم والسبب بسيط وهو ليس في توفر الحريات وفرص العمل في الغرب، ولكن السبب يكمن في تخلص الشاب العربي المهاجر من الخوف الذي يسيطر عليه منذ طفولته. فقد شب على الخوف من والديه منذ كان طفلا، ثم من المدرس في المدرسة، ومن الناس حوله، ثم من الحكومة عندما يصبح رجلا.. فالكل يريد منه ان يتصرف حسب أوامرهم، وان يؤمن بما يعتقدون، ويسلم بما يفكرون، وألا يعصي امرا ولا يخالف رأيا والويل لمن يحيد عن هذا السلوك فيصبح عاقا بالنسبة لوالديه ومشاغبا بالنسبة لمدرسه وضالا بالنسبة لمجتمعه. فاذا وطئت قدماه ارض المهجر تنفس الصعداء واذا حالفه الحظ وتمتع بحق الاقامة في الغرب شعر بالمسؤولية لأول مرة وعرف انه لا يوجد اب ليصرف عليه اذا احتاج، فيسعى للحصول على اي عمل يتاح له، بصرف النظر عن مؤهلاته، فيقبل عملا في مطعم لتنظيف الصحون وهو عمل زاوله جميع الاوروبيين والاميركيين اثناء دراستهم المتوسطة والعليا، أو يقبل عمل كناس في الشوارع من دون خوف من ان يعيره الاهل والناس لقبوله مثل هذا العمل، ويشعر انه يستطيع ان يلبس ما يشاء، وان يقول ما يشاء، ويعتقد بما يشاء اذا احترم حرية الآخرين. وهو يعرف ان الشرطي لن يتعرض له الا اذا ارتكب جرما ويشعر بأنه يتصرف حرا وان النجاح هو في اتقان عمله وليس بالواسطة، وان اي وظيفة او اي عمل يطمح اليه مفتوح أمامه اذا اثبت انه قادر عليه ومؤهل له. وسرعان ما تفتح له ابواب النجاح في العمل وفي خدمة مجتمعه والبلاد التي يعيش فيها. اعرف شبابا عاديين جاءوا من دول نامية (حيث شبوا على حياة بائسة غير انسانية) الى بريطانيا وفي اقل من سنتين اجادوا اللغة الانجليزية وعملوا في كنس الشوارع وتنظيف البيوت والمطاعم، ووصلوا في هذه الفترة القصيرة الى تولي مهام في متاجر وشركات، وقد لاحظت عليهم سرعة غيرهم من شباب خائف خجول متردد يشعر بالعجز والفشل الى شباب قوي الشخصية مقدام يشعر بالمسؤولية والقدرة على العمل والاتقان، وقد حققوا كل ذلك بقوة ملاحظتهم لما يجري حولهم من المجتمع الانجليزي المنفتح والحر، وتساوي الفرص فيه فكرت في هذا وعرفت سبب فشلنا في العالم العربي. انه المجتمع المنغلق على نفسه، المبني على اساطير الماضي واشباح المستقبل، تربى فيه الناس منذ الطفولة على الخوف فشبوا عليه.

التقدم ليس بالتعليم من اجل الوظيفة وتلقين الطفل الولاء ولكن بالتربية الحقيقية المبنية على مساعدة الطفل على حرية التفكير والاختيار والقرار، ليشب مواطنا لا يخضع لظالم ولا ينساق وراء أهواء طاغية، يعرف ما يريد ويتمسك بحقه بابداء رأيه والمشاركة في اتخاذ القرار واحترام الرأي الآخر ومناقشته.