ليس نقدا ذاتيا بل خطاب قديم

TT

من يقرأ مقال النقد الذاتي وجلد الذات للدكتور محيي الدين عميمور لا يعثر على اي اثر للنقد الذاتي، بل مواصلة لخطاب قديم طالما سمعناه، لا يسمن ولا يغني من جوع. خطاب لا يصلح لمعالجة الامور وعدم تكرارها. ومن اهم ما ورد فيه المغالطات التالية:

ـ مجد الحزب الواحد في الجزائر وحكم بنجاحه، فما هي نتائج هذا النجاح الباهر، هل يدعم عميمور مقاله بأرقام عن تدني البطالة وانحسار الفقر والجهل مثلا وكم زادت نسبة الصرف على مراكز الابحاث، وما الذي اوصل الجزائر الى ما وصلت اليه في السنوات العشر الماضية هل هو نجاح الحزب أم زيادة الفقر والجهل، وتسييس التعليم، ووضع الرجل غير المناسب في أهم المراكز حساسية وأهمية.

ـ وفي دفاعه عن الحزب الواحد، يرى عميمور ان اهم اسباب سقوط الاتحاد السوفياتي كان تخليه عن ماضيه وتاريخه، وليس الفساد وجعل الدبابة أهم من الحراثة والحصاد، والآلة أهم من الانسان، والحزب أهم من الأمة والوطن، والصرف بسخاء على وسائل القمع ومراكز الابحاث التي تنتج الاسلحة الكيمياوية، بدلا من ادوية علاج الامراض المستعصية. فهذه كلها هي الاسباب الحقيقية التي ادت الى سقوط الاتحاد السوفياتي.

التاريخ فيه من العبر الكثير، بل ان كثيرا مما جرى ويجري على الدول قد مر على غيرها، والاستفادة من تجارب التاريخ شيء مطلوب، لكن من دون ان نجعل من الهزائم انتصارات ومن الماضي قيودا.

لم يشمر التاريخ لليابان عن ساعديه، ويبني المصانع والمؤسسات، بل بنته سواعد وعقول ابنائها الذين تعلموا في الغرب، ثم انكبوا يعملون في المصانع والمتاجر ويقضون الليالي الطوال في المكتبات ومراكز الابحاث.

ان تدريس المعادلات الرياضية اهم بكثير من اجبار الطلبة على استذكار النقائض بين جرير والفرزدق، أو حفظ خطبة عصماء تصم شعبا بأكمله بأنه أهل شرك ونفاق. ليس هو التاريخ وليس الحزب الواحد ما يبني الامم ويشرف مستقبلها. انه الاهتمام بالانسان والصرف على تعليمه وصحته بسخاء، ومراجعة بسيطة لما تصرف الدول المتقدمة على التعليم والابحاث العلمية كفيل بمعرفة اهم الاسباب. ان الامانة تقتضي انه كما يجب ان يعرف ابناؤنا انجازاتنا، فمن حقهم ان يعرفوا اخفاقاتنا ايضا ليس لجلد الذات وانما لأخذ العبر وتصحيح الاخطاء.