في أصول الحوار

TT

ان وجود مساحة معترف بها للحوار خالية من التجريح وتتمتع بقدر من السمو بغية التفوق في مجرى الحديث سيجعل من طرائق العلاقة المتباعدة في مسألة ما تقترب من بعضها بود وتخاطب عقلاني، كيما تحصل من خلاله على وثاق متين الوشاج يفتح اكثر من سبيل للعلاج للداء الواحد. كما ان الايادي التي كانت تتطلع للاخذ الدائم من سلة الرأي دون مقابل سوف تتناول زمام المبادرة بالطرح المفيد والبناء دون الاضرار بمعرفية وعلو شأن الرأي المخالف. ذلك ان التحاور في ظل تعدد نقاط التقاطع العميقة بين الرأي والرأي الاخر سوف يولد قوة تضاهي اي قوة اخرى في ايجاد الحل الاكثر تمركناً وقوة في مواجهة الكثير من التكشف الحاد في المتغيرات الشواهق التي تترادف في محاولة لمنع كل تطلع الى خير الوسط العام أو تأزيم وتعليل طرق الحل والتوافق حول بعض الاطروحات الجادة، ومن مبدأ ضرورة التسليم بمبدأ التوحد في سمو الغاية من التلاقي والتشاور.

واذا قدر ان سار الرأي والرأي الاخر في قناة حوارية واحدة بعقلانية رصينة وبوحي من المشاركة الفاعلة فان النية الصادقة وحدها من سيقنن الطريقة المثلى لتطبيق موصلات الرأي المعقول والمقبول، في حين يتم تسيير ركب الرأي غير الموفق في راحلة اخرى يعجل برحيلها الى ما رسم لها على ان لا يعقبها تخل او تجاف يخل بعاقلة الرأي. وهذا يتحقق عندما يعلو كعب العقل المحاور بجدية في ساحة الاختلاف على اية سفاهة اخرى تلف وتعجن دون مقصد واضح او تهديف صائب. كما ان سياسة الاحتواء المفترض تتاليها مع التحاور المباشر سوف تفهرس الاراء المنشقة والبعيدة عن الواقع لتحتويها وتجردها مما تضر به نفسها قبل غيرها.