القضية الفلسطينية والأيام الأخيرة للرئيس كلينتون

TT

حرصت الادارة الاميركية على ابلاغ الفلسطينيين بأنه في حالة رفضهم هذه المقترحات، سيعلن كلينتون في غضون ايام، عن رفع يده عن العملية السلمية، وسيعلن ان كل الافكار التي طرحت في اطار هذه المفاوضات منذ كامب ديفيد، باطلة والهدف من ذلك هو ان تقف الادارة الاميركية صراحة الى جانب باراك، في حالة فشل المفاوضات، واتخاذ عدة اجراءات لمساعدته في معركته الانتخابية، ويضمن ذلك ادانة الموقف الفلسطيني الذي لم يتجاوب مع الموقف الاسرائيلي المعتدل والذي لم يسبق ان طرحه اي مسؤول اسرائيلي قبل باراك «هذا ما جاء بالعدد 8063 بتاريخ 2000/12/25 بجريدة كل العرب «الشرق الأوسط» وهي حقا صحيفة لكل العرب.

هذا التحذير الشديد اللهجة الموجه الى عرفات والى الوفد الفلسطيني التفاوضي بضرورة الموافقة على المقترحات المقدمة من الرئيس كلينتون الذي سلط سيفه على رقاب الفلسطينيين ووضع عرفات بين فكي الكماشة وذلك لكي ينجز سلاما لا يفي بمتطلبات الفلسطينيين ولا يمنحهم حقوقهم المشروعة في وطنهم وهذه اظهرت تعاطف الرئيس كلينتون مع باراك ومع الاسرائيليين الذين تبناهم، واعتبرهم اصحاب القضية الاساسية واعتبر الفلسطينيين هامشيين ودخلاء، فإذا كان الرئيس كلينتون على عجلة من امره بسبب ضيق الوقت لمغادرته البيت الابيض فلا يصح ابدا ان يلغي حقوق الفلسطينيين وهي الحقوق المنصوص عليها شرعيا لانهم هم اصحاب الحق الذي يطالبون به والاسرائيليون هم الدخلاء المعتدون والمحتلون للارض الفلسطينية. اذا كان الرئيس كلينتون يرغب في اختتام مدة رئاسته لاميركا بعمل تاريخي، فعليه ان يستمع الى هذين البيتين من شاعر عربي اصيل قال فيهما:

دقات قلب المرء قائلة له..

ان الحياة دقائق وثوان فارفع لنفسك ما استطعت من ذكرها فالذكر للانسان عمر ثان ولعل هذين البيتين من الشعر يترجمان له بلغته ليصلا الى مسامعه ويقرأهما ليكون منصفا في حل القضية الفلسطينية حلا عادلا لا تحيز فيه لكي تصبح المصالحة حقيقية وواقعية وفعلية.

الشعب الفلسطيني يتطلع الى حل شامل وعادل والى حياة آمنة مستقرة هادئة وهانئة، ويتطلع الى جيرة طيبة مع جيرانه الاسرائيليين ليحل السلام والوئام والمحبة والتعاون بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي في جميع المجالات السلمية والاقتصادية والزراعية والتجارية والثقافية.

الحروب والخلافات دامت لاكثر من نصف قرن بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي فلو كان هناك اعتدال في المواقف الاميركية، لجاء الحل مرضيا للطرفين، لكن التحيز يأتي دائما لصالح الطرف الاسرائيلي القوي على حساب الطرف الفلسطيني الاعزل.

الشعب الفلسطيني يتطلع الى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة مع جيرانه الاسرائيليين مبنية على البناء والتعمير والاصلاح وهذا سيتم اذا خلصت النيات وتوقفت الاطماع وانتهت الممارسات الضاغطة على الشعب الفلسطيني.

الحروب لا تحل المشاكل بين الشعوب بل تعمق الخلافات، ولكن السلام هو الذي يقرب الشعوب بعضها ببعض وينهي العداوات والصراعات والخلافات. والشعب الاسرائيلي نسبة كبيرة منه ادركت ان العداوة مع الفلسطينيين لن تجديهم نفعا ويطالبون بالحاح بمصالحة في ما بينهم وبين الفلسطينيين، لكن القادة العسكريين الاسرائيليين هم الذين يباعدون في المسافات التصالحية حتى لا تتم ويبقى التوتر مستمرا بين الاطراف وهذه هي عاداتهم التي دأبوا عليها وتوارثوها من بعضهم وساروا على منوالها من دون النظر لمصلحة الشعبين الراغبين في السلام.

السلام لا يتحقق بالتهديد والوعيد ولن يتحقق ناقصا، ولن يكون لطرف دون آخر لكن اذا تمت المساواة والتساوي بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي في الحقوق والواجبات عندها سيدرك الطرف الفلسطيني انه ظفر بحقوقه التي انتفض من اجل نيلها والتي لم تقدم له مجانا او على طبق من ذهب بل ضحى بدماء ابنائه لنيلها والظفر بها.