ماذا لو فعلها الشعب العراقي ؟!.. الانتفاضة المستحبة.. جورجيا والسودان

TT

طالعت في صحيفة «الشرق الأوسط في عددها 9142 بتاريخ 2003/12/9م مقال الاستاذ فؤاد مطر وقد كانت على نفس الصفحة مقالتا الاستاذ حسن ساتي ردا على الاستاذ عبد الرحمن الراشد والاستاذ جيم هوغلاند والتي تدور كلها عن سقوط حكم ادوارد شيفرنادزة لجورجيا.

ولكن استوقفني مقال الاستاذ مطر، حينما شبه نهاية حقبة شيفرنادزة رئيس جورجيا بنهاية حقبة ابراهيم عبود ـ رئيس السودان ووجه الشبه الازمنة اذ ان الازمنة في كل منهما كانت في اكتوبر (تشرين الأول)، لكن القاسم المشترك الاعظم بينهما هو السلم وعدم اراقة الدماء.

بدأت شرارة ثورة اكتوبر في السودان من طلاب جامعة الخرطوم وعمت كافة القوى السياسية وغيرها وانتهت اخيرا بتنازل الجنرالات عن السلطة في مثال رائع لاستعادة الشعب للسلطة دون اراقة دماء في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1964م، وجاءت بالديمقراطية للسودان والتي عرفت فيما بعد بالديمقراطية الثانية، واحسب ان اوجه الشبه في هاتين الثورتين انهما ارادة شعبية حقة لم تهب ما قد يعقبها من مخاطر في مواجهة البندقية والبطش العسكري لو لجأ اليها الرئيس. ولو كان حدث ذلك فإن ارادة الشعوب اقوى من لغة البندقية مهما طال امدها، وقد تجلى ذلك حينما اندلعت الانتفاضة الشعبية السودانية واطاحت بالرئيس جعفر نميري في 6 أبريل 1985، بعد فترة حكم امتدت ستة عشر عاما انتصر فيها الشعب بإرادته على قوة السلاح وجاءت بعدها الديمقراطية الثالثة.

ما اود الاشارة اليه هنا ان الاستاذ مطر ربط التجربة الجورجية بالسودانية، لكنني أسأل: ماذا لو حدث السيناريو نفسه في العراق الشقيق بإنهاء حقبة صدام بعد ارتكابه لأكبر خطأ بغزو الكويت ذات السيادة وما تبع ذلك من حرب التحرير وما والاه من عقوبات دولية، ترى كيف سيكون حال العراق لو تنحى صدام بإرادته او بانتفاضة شعبية بيضاء؟ لو حدث ذلك كان صدام سيجنب شعبه ما حدث من تدمير للحضارات وقتل للابرياء وانتهاك للحرمات، كان سيجنب شعبه من هذه المناظر التي تبثها الفضائيات من معاناة لاشقائنا في العراق من الاحتلال بعد الحرب الاخيرة والتي سيمتد اثرها الى أمد بعيد.