رفقا بالثقافة.. فهي ليست ترفا اجتماعيا

TT

يبدو لي أن القائمين على أمر صحيفة «الشرق الأوسط» الغراء ينظرون الى الثقافة وكأنها من قبيل فائض القيمة، أو من سواقط المتاع، أو هي في أحسن الأحوال ترف اجتماعي لا لزوم له، ولا ضرورة، في ظل واقع أصبح بمثابة سلة مهملات لنفايات الأخبار والموضوعات الفجة والسطحية، والقادرة على أن تتناسل كل يوم بتلاوين وتزاويق أكثر فجاجة وسطحية.

أتعجب من صحيفة كبيرة وعريقة مثل «الشرق الاوسط» أصبح ينظر إليها المثقفون والكتاب والشعراء والنقاد في شتى أنحاء عالمنا العربي بعين الاعتبار والاحترام والمصداقية.. أتعجب من أن تصبح صفحتها الثقافية وملحقها الثقافي هما «الحيطة المايلة» لسطوة الاعلان، بينما تقترب هذه السطوة من الصفحات الأخرى بحذر، ووجلٍ شديدين.

سألني أمس أحد الكتاب الأفاضل: لماذا هذه النظرة المتدنية للثقافة في صحيفة «الشرق الاوسط».. راوغته في الاجابة، ليس فقط من منطلق حبي للصحيفة التي أعمل بها منذ أكثر من 23 عاما، بل من منطلق أمل يحدوني كل يوم بأن هذه النظرة سوف تتغير، ولأن هناك أشياء من ضرورات الوجود والحياة تخسر قيمتها الانسانية الرفيعة حين تخضع لمقاييس الربح والخسارة، مهما كان بريقها ومغرياتها.. وكم نخسر، كل يوم، في عالمنا العربي على شتى الأصعدة والمجالات!؟

وليس المجال هنا، في هذه الصرخة المبحوحة، للكلام عن دور المكون الثقافي وحساسيته في تكوين وغربلة وتنقية وصقل الوعي، ليصبح فاعلا وقادرا على أن يمنح الحياة نبضها الانساني النبيل.. فأنا أدرك أن القائمين على أمر صحيفتنا الغراء يدركون ذلك جيدا، عن معرفة وعلم وخبرة متميزة.. لكن برغم ذلك كله أقول لهم: رفقاً بالثقافة أيها الزملاء.