لهويدي: وما الغريب.. وهل نسيت أن لإسرائيل سفارة في مصر..؟

TT

إنه لأمر في غاية السذاجة ان تتردد عبارة واحدة وزائفة بالتواتر«جنوب السودان على علاقة مع إسرائيل» دون ان نفهم حتى اللحظة ما يجنيه مرددو تلك الاتهامات، التي لا واقع لها من الصحة، من فعلتهم، ولبلوغ ما نعنيه لا بد من الإشارة إلى مقال الكاتب المصري فهمي هويدى والمنشور في «الشرق الأوسط» وفيه اجحاف شديد بحق جنوب السودان وقادته. وقد توصلتُ إلى قناعة مؤداها ان الدفاع عن جنوب السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان من تهمة العلاقة مع إسرائيل ليس واجبا ذا أهمية قصوى، ولا ضير من الاكتفاء بالتعليق على المقال باقتضاب دون الخوض أكثر في التفاصيل الزائفة.

لقد درستُ «العرب» جيداً وفهمتُ أفكارهم، وعرفتُ كذلك ان اكبر كارثة في حياتهم أو نقطة ضعفهم بالمعنى الصحيح هو وجود إسرائيل على الخارطة الكونية لذلك أصابهم المرض القاتل وهم عاجزون تماما عن تحقيق حلمهم، وهو«ان تكون إسرائيل عدوا للكل». لذلك عندما يكون العربي على خلاف معك أو حتى مع أخيه العربي، يدعم موقفه بإدخال إسرائيل في المعادلة واتهامك بالعلاقة معها حتى يجمع ولاء «المهووسين بأعداء اسرائيل» خلف آراءه التي قد يكون طرحت لأغراض شخصية أو لتصفية حسابات أخرى لا علاقة لها بإسرائيل .وهذا ما يفعله هويدي وأمثاله.

ولعل هويدي قد دفعته الأنانية ورغبته الجامحة لتحقيق مصالح مصرية بدماء سودانية إلى نسيان الحقيقة التي مفادها ان إسرائيل يحتمل انها قد اتصلت بأحد الجنوبيين حسب سرد الكاتب هويدي، والذي يبقى مجرد احتمال، ان تكون اسرائيل على علاقة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولكنها (إسرائيل) على علاقة فعلية مع «مصر». وأنا شخصيا رأيتُ العلم الاسرائيلي لاول مرة في القاهرة، وهو يرفرف في سمائها وعلمتُ من «سائق تاكسي» أنها سفارة إسرائيل. ومن الأهمية بمكان تمليك الآخرين معلومات تبدو غائبه عليهم، فأول دولة دعمت الحركة الشعبية لتحرير السودان هي ليبيا، يعنى دولة عربية. فإذا كان العرب بما فيهم مصر يذهبون إلى الاسرائيليين للمساعدة في بعض الأصعدة أو للمحافظة على العلاقات السلمية فإننا في الحركة الشعبية نذهب إلى أمريكا مباشرة والتي يذهب إليها الجميع بما فيهم إسرائيل نفسها.فليس هناك سبب يجعلنا في حاجة إلى إسرائيل. فإذا كانت هناك علاقة ستنشأ بين السودان الجديد وإسرائيل فإنها لن تكون أسوأ من علاقتنا مع الدول العربية وهي قائمة على اساس مصالح متعلقة بأمنها القومي.