إقرار متأخر.. ولكنه مؤشر لتحوّل بين المثقفين

TT

لا يسعني الاّ أن أحيي فهمي هويدي في تشخيصه الصائب لقوى الإرهاب والظلام التي تسعى إلى إغراق العراق بالدم والفوضى والتخلف باسم «المقاومة الوطنية»، والذي كتبه كرد فعل صارخ لجريمة تفجير الكنائس في بغداد والموصل، وذلك بهذه الصحيفة بتاريخ 9 أغسطس (آب) الحالي. غير أنه من المحزن حقاً أن يكون الأمر يحتاج الى تفجير خمس كنائس في آن واحد، ونثر أشلاء عشرات الأبرياء من النساء والأطفال والرجال وهم في غمرة طقوسهم الروحية السامية، لكي يُقنع مثقفا عربيا واعيا مثل فهمي هويدي، امتاز بالروح الانسانية والأخلاقية العالية في تحليلاته، بأن ما يجري في العراق من قتل وتدمير وترويع على أيدي العصابات المغامرة السائبة لا يمت إلى ما يسمى المقاومة الوطنية بأية صلة. ورغم أن هذا الأقرار جاء متأخرا الى حد ما، غير أنه يعتبر تحولا بالغ الأهمية في محاولة فهم وتحليل المأساة العراقية وتعقيداتها في نظر عدد كبير من المثقفين العرب. ولا أشك أن هذا الطرح الجرئ الذي عرضه هويدي يمثل تحولا جذريا في تفكير تلك الفئة من المثقفين العرب الذين يتميزون بروح الإيمان المخلص والعدالة والموضوعية، ويعزل تلك الشلّة من «المثقفين» المتسيسين والإعلاميين العرب الذين لا يستطيعون إخفاء غضبهم وحقدهم للنهاية المزرية لنظام القتل والجريمة، الذي فرضته العصابة الصدامية على الشعب العراقي لأكثر من ثلاثة عقود.