ماذا يقول ابن رشد إذا رآنا في ديمقراطية الإغريق مختصمين؟!

TT

أعجبني في مقال خالص جلبي، المنشور بتاريخ 22 أكتوبر (تشرين أول) الحالي، ذكره حقيقة أن «أثينا الديمقراطية قامت بإعدام سقراط عام 399 ق.م». وأود ان اورد فذلكة تاريخية لقصة محاكمة الفيلسوف سقراط لأنها أدمغ دليل على أن ممارسة قدماء الاغريق للديمقراطية، كانت تنحصر في مجرد الانسياق وراء رغبات الأغلبية الإحصائية، بغض النظر عن كونها صائبة أم خاطئة.

من المعروف أن افلاطون فند الديمقراطية في كتابه «الجمهورية»، وأورد في رائعته Apology، والتي تعني «دِفاع»، قصة محنة محاكمة استاذه سقراط، التي انتهت بإعدام الاخير عبر تجريعه السـُـم. فقد ضاق ديمقراطيو اثينا ذرعا بسقراط فعقدوا له محاكمة، بتهمة تخريب عقول الشباب، امام 501 من المـُـحلـِـفين من «الدموس». وبالرغم من ان الفيلسوف بكرامة دافع عن نفسه، فقد انتهت المحاكمة بتصويت 309 من المـُـحلِـفين بإدانته و191 منهم ببرائته. ولم تكن للاغريق عقوبة محددة لجريمة تخريب عقول الشباب التي أُدين بها سقراط، ولذلك جري تصويت آخر حول العقوبة التي اقترحها رافعو الدعوى ضده وهي الإعدام. ومن العجيب أن الذين صوتوا لصالح الحكم بالإعدام، 360 مقابل 140 للغرامة المالية، كانوا أكثر عددا من الذين صوتوا بإدانة سقراط! ألا يندهش ابن رشد، لو بعث من قبره وشاهد «هيصة» الديمقراطية في بلاد العرب، هل سيفعل مثل اهل الكهف ويعود لمماته ويتبرأ منا ويذكر المثل القائل «النار تلد الرماد»؟. فالمعروف ان العرب عَـرفوا الديمقراطية، ربما قبل عهد الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد، الذي تـُـرجمت في عهده الكثير من معارف وفلسفة الاغريق، ويتجلى هذا الأمر في أن تعــــريب كلـــمة الديمقراطية مأخوذ رأساً عن الكلمة الاغريقية Demokratia.