الغرب لا يصنع لنا ذاكرة بل يتكفلنا بالرعاية العاطفية أيضا

TT

اقول للكاتب محيي الدين اللاذقاني، تعقيبا على مقاله «غراميات مشبوهة»، المنشور بتاريخ 8 ديسمبر (كانون الاول) الحالي ان العقل الليبرالي العربي ينتج خطابه، ويعلن عن مواقفه السياسية في سياق تاريخي يتسم بالاختلال الشديد، سواء على مستوى العلاقة بالذات المنتجة للخطاب، أو على صعيد العلاقة بالآخر الذي يمثل النموذج المحتدى. فمأزق التيار الليبرالي اذا شئنا التدقيق، مأزق نفسي، وكل ما ينتجه الليبرالي العربي من قول وفعل في حراكه السياسي، يحمل قصاصة من مأزقه النفسي. ان علاقة الليبرالي بذاته الثقافية والفكرية التي تجد جذورها في تاريخ الحضارة التي ينتمي اليها، علاقة شبه منعدمة. واذا نحن استثنينا الرعيل الأول من الليبراليين، الذين كانوا على صلة بموروثهم الثقافي والفكري، وهي صلة ليست من الوثاقة الداعية للاطمئنان، فان أجيال التيار الليبرالي العربي اللاحقة والى يومنا هذا، ليست لها ذاكرة تستند اليها. ضياع الذاكرة هذا يترتب عنه فراغ نفسي قبل أن يكون فراغا معرفيا، ومن بديهيات التحليل النفسي أن الفراغ العاطفي تتولد عنه رغبة جامحة في تعويضه. من هذه البنية النفسية الفاقدة للدفء العاطفي جراء فقدان الذاكرة، يشكل الليبرالي العربي علاقته بالآخر، اي الغرب. هذا الأخير يصبح ليس فقط صانع الذاكرة البديلة، بل والمتكفل بالرعاية العاطفية، التي تكون تعويضا، هو بمثابة التعويض الذي يستشعره اليتيم لحظة التعاطف معه. على هذا الأساس من الاختلال الذي حاولت تقديمه باقتضاب، تنبني كل النتائج التي تطفو على السطح السياسي والثقافي.