ذلك البلبل العراقي السجين

TT

عشت شخصيا تجربة مشابهة لما أورده الكاتب أحمد الربعي في مقاله «تحرير السجين الجميل»، المنشور بتاريخ 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. فقد عدت إلى العراق عام 2003 بعد 25 عاما. وكان الجديد الذي وجدته في بيتنا هو بلبل رائع محبوس داخل قفص في فناء الصالة. صرت استيقظ على تغريده كل صباح.. بعض أهل البيت كانوا يضيقون به، وبعضهم الآخر يتعاطف معه. وكان ابن شقيقتي اليتيم قد تعلق بالطير، لهذا رفض في البداية فكرة إطلاق سراحه التي عرضتها عليه. وحين أخبرته بأنني عدت إلى البلاد بفضل الحرية التي أعيدت إليها اقتنع بالفكرة. طلبت من ابن شقيقتي أن يتولى الأمر بنفسه بوصفه السجان. فتح باب القفص، غير أن الطير خيب ظننا، وظل في مكانه. وانتظرنا وقد تركنا له الأبواب مفتوحة، وجلسنا بعيدا نتناول فطورنا ولم يخرج صاحبنا من القفص. قمنا بإخراجه إلى فناء الدار وتركنا القفص على الأرض عله يشاهد الطيور الحرة من عصافير وغيرها تحوم في المكان ويلحق بها. لم يكن يعاني من مشكلة في الطيران، وكان يتنقل داخل القفص بحيوية، ورغم هذا لم يخرج وكأنه استساغ الحبس، أو ربما شعر بأنه لا يستطيع العيش بدون عون، فهو لا يجيد سوى الغناء. ولأنني لم أطق مثل هذا الانتظار، وأتوق إلى حرية البلبل، أخرجته بيدي ووضعته على الحائط. بقي وقتا قصيرا، انتهت بعده لحظات الوفاء لصاحبه، فقد وجد نفسه مرغما على الطيران كي يعود إلى طبيعته.