المأزق الأميركي مسكوت عنه في خطاب سوزان رايس

TT

للتاريخ مكر، وللمربعات الفارغة في سير الأحداث كبير الأثر في تغيير مجرى الأحداث، التي كان معدا لها سلفا. أقول هذا الكلام وأنا أتأمل المسكوت عنه في خطاب الكاتبة سوزان رايس الذي برز في مقالها «متاهة أميركا.. مع إيران.. ومع أوروبا»، والمنشور بتاريخ 4 ديسمبر (كانون الثاني) الحالي. والمسكوت عنه هو الاحساس بالمأزق السياسي والعسكري، الذي تتخبط فيه الادارة الأميركية عقب غزوها للعراق. لقد انعكس هذا الاحساس الكريه بالمأزق على المناخ الاعلامي الأميركي، وبالأخص على من كان يعتقد بالنجاح التام والمبكر للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، وبالتحديد في العراق.

يكاد خطاب الكاتبة يتحول الى عملية استعداء وتحريض، لما راح الرئيس بوش يعترف بأن الولايات المتحدة لا نفوذ لها على الجمهورية الاسلامية في ايران. وأن الامبراطورية العظيمة في حاجة الى الأصدقاء لكي توقف ايران برنامجها النووي. ما فات الكاتبة هو حقيقة سياسية مفادها أن حراك الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، يتبع وضعها السياسي والعسكري في العراق. بل أكاد أجزم أن كل الممارسات السياسية الخارجية للادارة الأميركية، تتبع الوضع في بلاد الرافدين. ان مرونة الادارة الأميركية ازاء ايران في اللحظة الراهنة، مردها الفشل الأميركي الذي بدأت تبرز معالمه في العراق. لم تقدر الادارة الأميركية جيدا المسافة الحاصلة، بين التصور النظري لاحتلال العراق، وبين القيام بإنجازه على الارض. تلك المسافة التي كشفت أن احتلال العراق كان خطأ، سواء بالمعايير العسكرية أو بالمعايير السياسية.