الرحلات الجوية إلى العراق.. هل زادت من تكريس الحظر المفروض عليه؟

TT

قرأت ما نشرته «الشرق الاوسط» في العدد 8107 بتاريخ 7 فبراير (شباط) الماضي من بغداد تحت عنوان «بغداد تتحدث عن عقبات تعترض اتفاقيات التجارة الحرة مع سورية ومصر». وما لفت انتباهي ما ذكره وزير التجارة العراقي عن عدم استطاعة الصناعة العراقية الدخول في منافسة مع الصناعتين المصرية والسورية. وعزا ذلك الى تخلف الصناعة العراقية كثيرا بسبب العقوبات الدولية وعدم توفر المواد الاولية. ثم لمح الى ان الدولة ستدعم القطاع الصناعي الخاص ليستطيع تطوير انتاجه، وأردف قائلا ان القطاع العام يعاني من التوقفات وتدهور النوعية.

وهنا يدور التساؤل: ألم تكن تلك العقبات ناتجة عن عدم تبني الاولويات من حقب برنامج الخصخصة وتطوير وسائل الانتاج اولاً قبل عقد اتفاقيات سريعة للتجارة الحرة مع مصر وسورية، والتي أخذت بعدا سياسيا واعلاميا لفك عزلة النظام العراقي فقط، مع العلم ان تطوير وسائل الانتاج ودراسة احتياجات السوق المحلية ودراسة احتياجات الاسواق الاقليمية الاخرى تسبق عقد الاتفاقيات؟ أم ان تلك حجة للتهرب من تنفيذ ما اتفق عليه العراق مع الدول التي عقد معها اتفاقيات للمناطق الحرة والتبادل التجاري؟ أم ان السبب الرئيسي هو ما ذكر بنفس الخبر من ان الانفتاح التجاري العراقي سيؤدي الى سحب العملة الصعبة.. الخ؟

برأيي ان هذا الامر لم يكن غائبا قبل توقيع الاتفاقيتين مع مصر وسورية ولاحقا مع الاردن، ولكن قد يكون في مخيلة الجانب العراقي ان تقفز الدولتان مصر وسورية على مذكرة التفاهم التي وقعها العراق مع الامم المتحدة والمعروفة بـ«برنامج النفط مقابل الغذاء» وبالتالي تخضع لاشراف الامم المتحدة ولجنة العقوبات.

الأجدر ان يسعى العراق الى ما يمكنه من تنفيذ ما تبقى من قرارات الشرعية الدولية التي قبل بها في أعقاب غزوه الكويت وأدت الى خروجه ووقف اطلاق النار. وأرى ان تلك هي الاولوية التي يجب ان ينفذها حتى يتعافى اقتصاده ويعود بنتائج ايجابية على المواطن العراقي والمنطقة بأكملها ويعود تدفق العملة الصعبة الى البلاد، وبذلك تكون الاتفاقيات التي عقدها وجعلها اولوية قبل ان يضطلع بالأولويات الاكثر الحاحا للشعب العراقي وهي رفع الحصار من خلال تنفيذ الاتفاقيات التي تصب في مصلحة العراق وجيرانه، وهي مباشرة تنفيذ القرارات المتبقية، توطئة لايجاد مناخ اقتصادي معافى وقادر على المنافسة. وقبل ذلك كله ترطيب الاجواء مع دول الجوار واستخدام لغة العقل بدلا من نغمة التعالي، ومثال ذلك ما صرح به أيضا نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان عندما أشار في حديث صحافي نشر اخيرا من ان الرحلات الجوية التي يأتي فيها زوار للعراق من الدول العربية والذين يأخذون اذنا من لجنة العقوبات قبل توجههم للعراق زاد من تكريس الحظر المفروض على الطيران الى العراق. لا ادري ما هي ردود فعل هؤلاء المتعاطفين المهرولين بعد ان تصل الى مسامعهم تلك التصريحات التي تعتبر ان أية زيارة بإذن من لجنة العقوبات تفاقم استمرار الحظر الجوي؟ هل تتوقف تلك الزيارات وما يصاحبها من هالة اعلامية تبرز تضامنا شكليا مع العراق من الزائرين، أم هل تستمر؟