أولويات واشنطن ومستقبل السودان

TT

هل أصبح مستقبل السودان من أولويات الحكومة الأميركية الجديدة كما صرح بذلك وزير خارجيتها كولن باول الذي عبر عن قلقه لاستمرار حرب السودان الأهلية التي تعتبر أطول حرب أهلية في افريقيا. اما حيثيات هذه الحرب في السودان تنحصر في ثلاثة مواقف لا رابع لها وتدور في اطارها وهي:

الأول: فئة من مواطني الجنوب السوداني بزعامة جون قرنق يخوضون حرباً من أجل تحقيق انفصال الجنوب السوداني عن شماله نتيجة لرواسب المعارك القبلية بسبب الماء والمرعى.. بعض مثقفي الجنوب السوداني بزعامة جون قرنق ألبس هذه الاضطرابات القبلية ثوباً سياسياً للمزايدة به وصلت الى مرحلة المجاهرة بالتباين الثقافي والعرقي، ثم تطور الى مرحلة الادعاء بوجود تجارة الرقيق في السودان.. وصولاً الى الشكل السياسي الحالي المتمثل في التجمع الوطني الديمقراطي الذي تمثل حركة جون قرنق قوامه العسكري.

الثاني: المواطن السوداني في الشمال والجنوب ينظر الى حركة جون قرنق على أنها سبب التعاسة والشقاء اللذين ألما به وهو ما زال يعاني من نقص الغذاء والدواء فضلاً عن الخدمات الضرورية مع توقف مشاريع التنمية، وحتى الموجود منها قامت حركة جون قرنق بتدمير الجزء الأكبر منه.

الثالث: مساعي حكومة عمر البشير الرامية لرأب الصدع وجمع الفرقاء السودانيين وتحقيق رغبتهم باقامة الديمقراطية التعددية للمرة الثالثة منذ استقلال السودان ومشاركة الجميع في اعداد دستور للسودان يكتبه كل السودانيين ويحفظون مواده وأحكامه حتى يعود الاستقرار والسلام للسودان. ولا يمكن تحقيق ذلك بقوة البندقية، ولكم في تجربة لبنان والصومال عبرة وعظة. أما اذا فاتت هذه الفرصة نتيجة للمزايدات الحزبية، فان المجتمع الدولي سيقول كلمته بعد ان ضاق ذرعاً بتقديم الاغاثات والمساعدات.

كما ان اميركا قد تخطئ مرة أخرى اخطاء مثل قصف مصنع الشفاء للأدوية وزيارة مسؤولة الخارجية الاميركية لجنوب السودان من دون اشعار الحكومة بذلك. كل هذا واقع يجعل من المرحلة القادمة لحكومة البشير اكثر حساسية ودقة. فهل يستطيع السودانيين الاتفاق على السلام والوئام؟ وهل حسب السودانيين حساب ان يفرض عليهم المجتمع الدولي بزعامة اميركا اتفاقاً قد يجعل البعض يتنازل اكثر مما سيتنازل عنه لو كان الاتفاق سودانياً خالصاً؟ دعونا نحسبها معاً.