من يزرع الأحقاد ومن يدفع الثمن في لبنان؟

TT

بثت أجهزة الإعلام المرئي على العالم صوراً لبعض المتظاهرين المنتمين إلى بعض التنظيمات وهي تحمل العصي والفؤوس والسكاكين وقد بدا الحقد والحماس والشرر واضحة على ملامحهم وفي عيونهم وهي تتظاهر في أحد شوارع العاصمة اللبنانية بيروت.

والمشاهد، واللبناني على الأخص يتساءل:

من زرع هذا الحقد ومن دفع ثمنه ومن يقبض ثمن العناية به؟ أين كان هذا الحقد يوم كانت المجنزرات الإسرائيلية تقض مضاجع هؤلاء في منازلهم وتدفع أبناءهم وعائلاتهم لقضاء الأسابيع في الملاجئ وتحت القصف والرعب؟ أين كان هؤلاء يوم كانت بيروت تقصف من البر والبحر والجو وأين كانت سكاكينهم وفؤوسهم؟ أين كانت سكاكينهم وفؤوسهم يوم كان المحتل الإسرائيلي يتجول متغطرساً أمام منازلهم وشوارع أحيائهم؟.

أين كان هؤلاء وعصيهم وفؤوسهم وسكاكينهم يوم كانت المقاومة اللبنانية في الجنوب وبينما إسرائيل تدمر بيوت أهلنا هناك من كل لون وطائفة ودين وتقصف الأطفال وترتكب المجازر؟ أين هي فؤوسهم وسكاكينهم في انتفاضة الأقصى ومن دعم أطفال الحجارة أخوتهم في الدم والدين والحق؟ أين سيكون مكان هؤلاء في المجتمع اللبناني الموعود الذي تعمل الدولة على إقامته بتصليب اللجنة الوطنية وحماية الوطن والمواطن من رجس المتخلفين وحقد الطائفيين ومن يتظلل تحت عباءات وشعارات الدين؟ هل هي سكاكين وفؤوس على النمط الجزائري كي تبقر بطون الأمهات الحوامل أم لكي تقتل الرضع والمسنين والأبرياء؟ هل هي سكاكين وفؤوس الطابور الخامس الذي يمسك سلاح الأعداء دون أن يدري أنه يقف في صف الجهالة والظلمة والغباء؟ هل هم طلاب مدارس وجامعات ومثقفون وأمهات وآباء؟ هل هم لبنانيون في الجذر والأصل ويؤمنون بلبنانيتهم وحريتهم كما يؤمنون بلبنانية وحرية كل لبناني من أي دين أو طائفة أو حزب؟

هل هم فعلاً لبنانيون أم فئة من النائمين المنومين واليوم جاء وقت صحوتهم فايقظوا الحقد المدفون في تلافيف عقولهم منذ نشأتهم .

إن من يقتل الإنسان يقتل إرادة الحياة. فكيف تريدوننا أن نقتنع بأن هؤلاء والفؤوس والسكاكين في ايديهم أنهم مؤمنون ويتقون المعاصي، لأن القتل والعنف شر المعاصي. أو على الأقل هل فعلاً ينتمون إلى بلد تتعايش فيه أكثر من سبع عشرة طائفة إذا تقاتلت مع بعضها وتحاربت فبفعل هؤلاء وأمثالهم من طابور خامس وجهلة. ومن يقف خلفهم خدمة للاتفاقات التي لا ينتج عنها سوى الحروب والموت والدمار وكي يتحولوا بجهلهم وضلالهم في أي وقت ناراً في الهشيم تحرق الأخضر واليابس. لكن ليس كل نار يمكن إطفاؤها لأنها هذه المرة وإن اشتعلت فستلتهم المؤسسات التي تقف وراءهم ومموليهم وواعظيهم ومرشديهم وكل العمائم والعباءات التي يتظللون تحتها في الحي وفي الوطن وخلف حدود الوطن. صحيح أن المطلوب في الحرب اللبنانية كان رأس المقاومة الفلسطينية والمتحالفين معها خدمة لإسرائيل والمتعاونين معها لكن نارها لم تنته قبل أن تلذع هؤلاء الذين تعاونوا مع إسرائيل وهي اليوم تلذع الإسرائيليين في عقر دارهم فهل يعلم من يوقد النار أنه يمكن أن تحرقه وتحرق الأرض التي يقف عليها؟