قراءة في المقولات المغلوطة حول الأندلس

TT

نشرت «الشرق الاوسط» بتاريخ 2001/3/30، مقالا للدكتور فؤاد حداد تحت عنوان «أدعية إسلامية قرئت على روح مسيحي»، تعرض فيه د. حداد إلى كيفية قيامه بالصلاة على روح أحد اصدقائه المسيحيين. وكون الدكتور حداد مسلم الديانة، أود أن أذكره بأن الإسلام دين واضح وصريح لا طلاسم فيه، وقد جعل الله تعالى فيه العبادة واضحة وضوح الشمس. ولذا فكل عبادة على غير هدي النبي صلى الله عليه واله وسلم مرفوضة رفضاً قاطعاً. فلا مجال للتأويل أو ابتداع ما ليس من الدين أو ثبت وروده عن النبي عليه الصلاة والسلام.

الأمر الثاني مقارنة مطالبة اعتذار الكنيسة للمسلمين ومطالبة الأخ حداد في أن يعتذر المسلمون للاسبان عن الاحتلال كما وصفه، كذلك عن احتلال المسلمين لبيزنطة!. فأقول: مما لا شك فيه، ان الاخ حداد لم يطلع على التاريخ، وإلا لما قال وإلا كيف يجرؤ على مقارنة فتح الاندلس بالاحتلال، والتاريخ يذكر دخول المسلمين الاندلس بعد استغاثة حاكمها بالمسلمين لإعادته لعرشه الذي اغتصب منه وفي المقابل يفتح المجال للمسلمين بالدعوة للإسلام، وفتح المجال لمن يرغب بأن يدخل الاسلام وبحرية تامة.

ومع هذا، أقر الإسلام الديانات الأخرى، بل ان بعض اليهود والمسيحيين تقلدوا مناصب مهمة لدى حكام الاندلس. والذي يجب ألا يفوتنا أن نذكره هو ان جلّ هؤلاء الحكام كانوا من آباء عرب وأمهات من الاسبان الذين سارعوا بدخول دين الله عن يقين وايمان مطلق، فأين الاحتلال إذن؟!.

أما فتح القسطنطينية، فمن المعروف تاريخياً أن القسطنطينية كانت تشكل إحدى العقبات العدائية للمجتمع المسلم، إذ انها كانت تشكل نقطة المرور للحملات الصليبية المنطلقة بدافع الطمع والعدوانية، التي جاءت من أوروبا طمعاً في بلاد المسلمين، بل تعدى ذلك إلى اعتداءات متكررة من قبل البيزنطيين على بلاد المسلمين ولفترات طويلة وبعد نفاد صبر المسلمين تم افتتاحها على يد محمد الفاتح تصديقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش». وحتى بعد افتتاحها وإراحة البلاد والعباد من ظلم قسطنطين الحاكم البيزنطي المتجبر، لم يرغم المسلمون أحدا على دخول الإسلام، على عكس ذلك، وفّر لهم الإسلام ما لم يكونوا ليحلموا به، بل ان بلاد المسلمين هذه هي ذات البلاد التي وفرت الحماية والمأمن لليهود وبعض المسيحيين من بطش حكام الشمال الاسباني في أواخر القرن الخامس عشر بعد سقوط بلاد الاندلس.

فكيف يطالب الدكتور حداد مثل هذه المطالبة وهو يعلم حق العلم أن الإسلام إنما جاء لتحرير العباد من عبادة الفرد الى عبادة الواحد الأحد، لقد كان الأحرى بالأخ حداد تحري الدقة قبيل كتابته لمقالته تلك حتى لا يقع في المحظور.