لا يوجد رق لكن هناك خطف للأطفال والنساء بين القبائل السودانية

TT

ما هو مستغرب، ويؤسف له حقاً أن يؤكد قلم عربي رصين مثل قلم الأستاذ/ عبد الرحمن الراشد وعبر صحيفة عربية واسعة الانتشار، صحة روايات تجارة الرق في السودان، كما أورد في عموده في العدد 8170 لصحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ 11/4/2001، حينما ذكر «.. في تلك الروايات شيئا من الصحة رغم أنه توجد جهات تنشرها وتبالغ فيها لأغراض سياسية معادية للسودان».. وتحدث في موضع آخر من مقاله «... الأحداث المصورة تلفيزيونياً وتظهر فيها عملية إعتاق رقيق مقابل مبالغ مالية كبيرة دفعها غربيون، ومع أنه صدر تكذيب لها واعتبرت جزءاً من الدعاية الغربية المعادية، إلا أن الصور كانت موثقة والأحداث بدت طبيعية».

كان حريا بالكاتب، وهو يعلم جيداً حجم الاستهداف والتآمر الذي يتعرض له السودان، أن يستل قلمه لتفنيد تلك الادعاءات التي لم تطل السودان وحده، وهنا ربما لا يعلم الراشد أن منظمة التضامن المسيحي ومن يقف خلفها من دوائر صهيونية معادية يشيرون في وثائقهم إلى أن الرقيق السوداني المزعوم يجد سوقاً رائجة في منطقة الخليج، كما يحتشد موقعها على شبكة الإنترنت بمثل هذه الأكاذيب وبتقارير حول نشاطاتها غير القانونية التي تقوم بها في المناطق التي تسيطر عليها حركة التمرد في جنوب السودان.

ولنطمئن الراشد، فقد أقرت الحكومة السودانية بوجود مشكلة اختطاف للنساء والرجال والأطفال تحدث في إطار الحرب بين القبائل المختلفة وبين القبائل التي تنتمي لتركيبة عرقية واحدة عندما تتنازع على الكلأ وموارد المياه. وقد ظلت بعض مناطق السودان تعاني من هذه المشكلة منذ زمن بعيد مثلها مثل العديد من الدول الأفريقية التي تعرف مثل هذه الممارسات الناتجة عن التعقيدات ذات الصلة بالتركيبة الإثنية والقبلية للسكان المحليين.

وقد أنشأت الدولة اللجان القومية لحل هذه المشكلة، حيث أثمرت جهودها في إعادة أعداد كبيرة من المختطفين إلى ذويهم وذلك بمساعدة ودعم من منظمة اليونسيف وحكومات دول الاتحاد الأوروبي وكندا، وعدد من المنظمات غير الحكومية الدولية ذات النوايا المخلصة.

أما وصف هذه الممارسات المؤسفة التي تعمل الحكومة السودانية جاهدة للقضاء عليها بأنها ممارسة للرق، فإن دوافع ذلك معروفة.. وهي الاستمرار في حصار السودان وعزله، وقبل كل شيء تشويه صورة العرب والمسلمين.

لقد أكدت الحكومة أن أبواب السودان مشرعة لمن يريد أن يتحقق من وجود تجارة للرق على أراضيه، وقدمت في سبيل ذلك العديد من العروض لزيارة لجان دولية محايدة تشارك فيها منظمة الوحدة الأفريقية، والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة، للتحقق من صحة هذه المزاعم. وغني عن القول ان ذات الأبواب تظل مشرعة أمام صحيفة العرب الدولية للتحقق بصورة علمية وموضوعية من خطل الادعاءات المثارة حول الرق، ومن مصداقية الروايات المنقولة على لسان الدوائر التي تدعي وجود تجارة للرق في السودان. وهذا هو الدور الذي نتوقعه من الأستاذ الراشد وصحيفته المقروءة على نطاق واسع.