لماذا تتبنى جيبوتي هموم الغير وتتجاهل مشاكلها؟

TT

وقعت كل من الجبهة «فرود» وحكومة جيبوتي اتفاقية السلام في باريس يوم 7 يناير (كانون الثاني) 2000، وتضمنت الاتفاقية وقف اطلاق النار، والافراج عن المعتقلين السياسيين وتكوين حكومة جديدة تمثل جميع الاطراف المعنيين لتسيير شؤون البلاد.

ان الحديث عن مفاوضات السلام الجارية مجرد هراء، ويهدف النظام الى كسب الوقت فقط، فما زالت محاولات الرئيس الجديد مستمرة لفرض رأيه على الجميع.

منحت المعارضة الجيبوتية «فرود» الكثير من الوقت للرئيس اسماعيل، وكأن ما ذهب من الوقت لا علاقة له بما هو فيه الآن، والمستفيد الوحيد من المفاوضات هو النظام الذي اتيح له مزيد من الوقت، ليماطل في اقواله وافعاله، الرئيس لا يصادقنا بأفعاله هذه، البعيدة كل البعد عن الصواب وهو يحاول الترويح عن نفسه او التعسف بخروجه على الاتفاقية التي التزم بها في البداية، وحكومة جيبوتي ستدرك اهمية السلام عندما تغادر النعيم. والرئيس الجيبوتي يسعى دائما لتلميع صورته امام العالم كداعية للسلام. ويعتبر نفسه حلال المشاكل. ولأجل هذه الاسباب نراه يتدخل في شؤون دول عديدة في القارة الافريقية. منها السودان والصومال، وهل فرغت حكومة جيبوتي من مشاكلها الداخلية، ولم يعد لها من عمل الا التدخل في ما لا يعنيها؟ كلا فما زالت جيبوتي في حاجة ماسة الى مصالحة عفرية ـ عيسية، لكي تضع حدا للاقتتال المستمر بين الحكومة وجبهة «فرود». ولماذا يتحمس رئيس جيبوتي لتبني مشاكل غيره، في حين يتجاهل قضية مشابهة، وربما اكثر خطورة تدور احداثها فوق بلاد العفر وعيسة؟

ان المراقب لمفاوضات جيبوتي وغيرها من المفاوضات في القرن الافريقي، يتملكه العجب من فرط مخالفة الفعل للقول، والرئيس ليس متحمسا على الاطلاق لاجراء تغييرات جذرية في النظام، وهو ما تقترحه وثيقة فرود التي اعدها رئيس الجبهة احمد ديني بالتشاور مع عدد من الشخصيات العفرية والعيسية. وتدعو الوثيقة بشكل خاص الى بدء العمل لتحقيق السلام في بلاد العفر وعيسى، وفقا للبنود التي اتفق عليها الطرفان في باريس.

والحكومة الجييوتية تريد من المعارضة التخلي عن السلاح مقابل لا شيء، وهذه محاولة من الرئيس لكنها غير مجدية ولن يخدع بها الا نفسه. وبهذا الاسلوب يخسر الرئيس الكثير، ومن بين ما يخسر، فقد المعارضة ثقتها به. وهذا ما يحول المعارضة الى كتلة تتفجر كالديناميت وهذا يعني ان الحرب العيسية ـ العفرية في طريقها لتشتعل من جديد، وحينها سيضع اسماعيل يده في يد من يسعون للمكاسب الشخصية، وهذه الفئة تعتبر اسماعيل غيمة تقيهم من وطأة الزمن، ومن المجموعة نفسها اختار اسماعيل رئيس الوزراء الجديد ديليتا محمد، فهو اسماعيلي مائة في المائة، وعمل لفترة طويلة في الوزارة الخارجية حيث تعين عام 1997 سفيرا لجيبوتي لدى اثيوبيا.

والسؤال هو: هل اجرت حكومة جيبوتي استفتاء شعبيا لاختيار رئيس الوزراء ووافقت فيه الاغلبية على اختيار ديليتا محمد؟ والشارع الجيبوتي يترقب ويتساءل: هل سيكون ديليتا محمد مجرد ديكور؟ وهل يستطيع اتخاذ موقف معارض تجاه سياسة اسماعيل بشأن قضية العفر؟