«العنف المتبادل».. لا مجال للمقارنة بين القاتل والضحية

TT

طالعتنا صحيفة «الشرق الأوسط» في عددها 8204 على صفحة «الرأي» ـ ص10، بمقال لهنري سيجمان، احد كبار اعضاء مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، بعنوان «موت بلا معنى للأطفال الفلسطينيين والاسرائيليين». وقد قرأت هذا المقال أكثر من مرة وخلصت إلى عدة ملاحظات، من أهمها أن سيجمان يتعامل مع الأمور بمنطق ما يسمى «العنف المتبادل»، أي أن هناك جيشين متحاربين متكافئين بالقوة العسكرية ولهما هدف واحد يجرون من خلاله شعوبهم إلى الموت والدمار...!!. ويظهر هذا الاعتقاد لا بل القناعة بشكل جلي في قوله «ان مسؤولية استمرار دائرة العنف والانتقام المتبادل بين الفلسطينيين والاسرائيليين تقع على عاتق القيادات في الجانبين».

لكن الاحداث على الارض تنفي وبشكل قاطع مثل هذا «العنف المتبادل»... فهل قيام اسرائيل بقتل واصابة وحصار وتجويع واغتيال ابناء الشعب الفلسطيني وهدم بيوتهم وتشريدهم واتلاف محاصيلهم وتجريف مزارعهم واقتلاع اشجارهم...الخ، يقابله اجراء فلسطيني مماثل؟! هل اصحاب الحق الشرعيون الذين كفلت لهم كافة القوانين الدولية حق الدفاع عن انفسهم وحقوقهم يتساوون مع المحتلين لأرضهم؟

ويتابع سيجمان مقاله للتعبير عن الحزن الشديد الذي يعاني منه «والدا الصبيين اليهوديين اللذين حطمت جمجمتاهما في منطقة تكواع بالضفة الغربية، او والد الرضيعة الفلسطينية التي قضت نحبها بشظية قذيفة في خان يونس.

نعم نقولها وبكل صراحة ووضوح ان الفلسطينيين لم يكن لهم في يوم من الايام هدف قتل اطفال اسرائيليين، ولكن الجيش الاسرائيلي قام مع سبق الاصرار وبشكل متعمد وبدم بارد باطلاق النار على اطفال فلسطينيين لم يكونوا اصلا في ساحات المواجهات واطلاق النار.

واستنادا الى تقرير لمنظمة اليونيسف نشرته «الشرق الأوسط» في عددها 8188 جاء فيه ان هناك مليوناً وثلاثمائة طفل فلسطيني منذ نهاية سبتمبر (ايلول) الماضي يعيشون في حالة من الرعب والخوف والتوتر الزائد وانعدام التركيز الدراسي والكوابيس الليلية والتبول اللاارادي جراء عمليات القصف الاسرائيلي المباشر واليومي. ويذكر التقرير ايضا ان الجيش الاسرائيلي قتل حتى منتصف الشهر المنصرم اكثر من 116 طفلا وجرح اكثر من 5500، مسببا اعاقات دائمة لعدة مئات منهم.

اننا ومن خلال هذا التقرير نعتقد جازمين، لا بل نؤكد، انه لا يوجد مجال للمقارنة بين الجانبين نتيجة لما يسمى «العنف المتبادل» من حيث الخسائر البشرية والمادية. والدليل على ذلك ان اسرائيل لا ولم ولن تطلب في يوم من الايام وجود قوات دولية لحمايتها من الفلسطينيين الذين طلبوا اكثر من مرة وجود مثل هذه القوات، ولكن اسرائيل رفضت مثل هذا الاجراء واعتبرته طلبا غير مبرر.

إذن من هو المسؤول الفعلي عن هذا العنف؟ وهل هناك مجال للمقارنة بين القاتل والضحية؟