لا أحد اشتكى من ختان الإناث.. ويجب منع غير الاطباء من ممارسته

TT

* من دكتورة نشوى عبد الحميد السيد ـ اختصاصية امراض نساء وتوليد. وسلوى عبد الحميد السيد ـ كلية الدراسات الإسلامية ـ مصر:

نشرت صحيفتكم الغراء في العدد 8205 خبر مقاضاة نائب بالبرلمان الاسباني لامام مسجد في اسبانيا لأنه أعلن انه يحترم اصدقاءه والمسلمين الذين يجرون لبناتهم عملية الختان، حيث يزعم النائب انها انتهاك لحقوق الانسان، وقد ذكرنا ذلك بمقاضاة البعض لشيخ الازهر الراحل لأنه حث المسلمين على الالتزام بالخفاض او ختان الاناث مخالفاً بذلك التوجهات الرسمية للحكومة المصرية.

من يراجع كتب الفقه يجد ان الأئمة الاربعة اتفقوا على اجرائه وان اختلفوا في ما اذا كان سنة ام مستحباً، كما اتفقوا على عدم المغالاة في القطع وذلك استنادا الى الحديث الشريف «اخفضي ولا تنهكي»، وأوصى ايضا الحديث الشريف «يا نساء الانصار اخفضن ولا تنهكن»، السيدات البالغات بالختان من دون مبالغة في القطع. والمعروف ان الاحاديث الشريفة التي اوصت بالختان لم تختص الذكور وحدهم دون الاناث، ومما يؤكد ذلك الحديث الذي وصف الختان بأنه مكرمة للنساء والحديث الثابت في صحيح مسلم والبخاري «اذا التقى الختانان وجب الغسل» الذي يحمل ضمنية واضحة على ان الختان يعم رجال المسلمين ونساءهم على السواء.

واليوم ينتشر ختان الاناث في عدد كبير من البلاد تمتد من اندونيسيا وماليزيا شرقا الى السنغال ونيجريا غربا (وإن تخلى عنه بعض المسلمين مع مرور القرون). ويقدر ان نحو مليوني فتاة يتم ختانهن سنويا حيث تصل النسبة في بعض البلاد مثل الصومال وجيبوتي الى 98% من الفتيات. وفي الريف المصري على سبيل المثال يشكل الختان (او ما سمي بالطهارة) عرفا سائدا وراسخا ويعتبر عدم اجراء الطهارة عيبا او نقيصة في حق الفتاة، كما تتمسك به ايضا كل الامهات والآباء في قلب المدن الكبرى وبين المتعلمين. وبالطبع فقد مررت بتجربة الختان مثل معظم السيدات المصريات، وشخصيا لم اشتك من سوء حيث تولى احد الاطباء المتخصصين اجراءه. ويسعدني ان اؤكد ان اغلب المصريات اللاتي اجريت لهن عملية الختان لم يشتكين منها بدليل تمسك الامهات بها وبدليل انه في اغلب البيوت المصرية يعتبر ختان البنات مناسبة سعيدة تتم عادة في جو من الفرح والزغاريد والتهاني رغم ما تسببه من آلام تنتهي غالبا خلال أيام قليلة مثل طهارة البنين، لكن المؤسف ان كثيرا من الفتيات يتعرضن لممارسات جائرة تخالف ما امر به الدين حيث توجد عدة انواع من ختان الاناث اشدها ما ينتشر في السودان والصومال واواسط افريقيا.

ومع معارضة بعض الاطباء فقد أيد آخرون من اساتذة الطب ختان الاناث بشرط ان يتم بالشكل الذي دعا اليه الاسلام والذي يعرف في المراجع الطبية بختان السنة ويعتبر اخف الانواع حيث يقتصر على قطع قلفة الانثى، وهي الغلاف الجلدي الرقيق الذي يعلو الحشفة الحساسة للبظر (من دون المساس بالبظر نفسه) مع تهذيب الشفرين الصغيرين اذا كان من اللازم، ويماثل ذلك ختان الذكور في كونه عملية تجميل تساعد على النظافة والطهارة وتمنع تراكم الافرازات الدهنية الضارة التي يساعد تجمعها على تكاثر الميكروبات وحدوث الالتهابات، وتجدر الاشارة الى ان بعض الفتيات لسن في حاجة إلى الختان والذي يقرر ذلك هو الطبيب المتخصص والامين.

وعلينا ان نقضي على الممارسات الخاطئة، لكننا نرفض القول بأن تعاليم الاسلام فيها انتهاك لحقوق الانسان، واننا ندعو الحكومات والبرلمانات الى عدم منع ختان الاناث بشكل مطلق (حيث ادى ذلك الى نتيجة عكسية في بعض البلاد) ويجب منع غير الاطباء من ممارسته والسماح باجرائه مجانا بالمستشفيات الحكومية مع تدريب الاطباء على اجرائه بطريقة صحيحة، وعلى دعاة حقوق الانسان الا يعوقوا حق الفتاة المسلمة في اجراء الختان بالشكل الذي يدعو اليه دينها، وان يتحركوا لإيقاف الجرائم الحقيقية التي ترتكب في حق الاخوة في فلسطين والبلقان وغيرهما.