هل منظمة التجارة العالمية في خدمة الدول الصناعية؟

TT

* من صبري الحاج محمد هلالي ـ جدة منطمة الجات أو ما تسمى بمنظمة التجارة العالمية ما هو دورها وكيف تنظر اليها الدول الفقيرة وهل هي صورة من صور الهيمنة الغربية على الدول النامية ومن بينها الدول العربية الغنية بالنفط على وجه الخصوص لاستغلال ثرواتها الطبيعية من قبل الدول الصناعية بأبخس الأثمان ومن ثم اعادة تصديرها لها بعد مرحلة التصنيع بأسعار خيالية.

فحرية التجارة المقصودة هي انتقال رؤوس الأموال والشركات من دولة لأخرى دون التعرفة الجمركية واذا جاز لنا ان نسميها فهي التجارة عابرة القارات على غرار (الصواريخ عابرة القارات) لتحط برحالها على دول ليس لها حول ولا قوة على منافستها.

فمن يقف وراء هذه الفكرة (فكرة قيام منظمة التجارة العالمية)؟

مع حرية مرور السلع والخدمات من دولة لأخرى في ظل لوائح المنظمة فمن المستحيل دخول سلع الدول النامية للدول الغنية لسبب بسيط هو عدم تكافؤ هذه السلع لنظيراتها في الدول الغنية للمنافسة ومن ثم كسادها وافلاس شركاتها، فمنظمة الجات (التجارة العالمية) جاءت تفصيلا لخدمة الدول الصناعية الغنية على المدى البعيد وافقار الدول النامية وجعلها دولاً استهلاكية لمنتجاتها ذات الجودة العالية. فهي كالأمم المتحدة التي قامت اصلا لقهر الشعوب المستضعفة بعد الحرب العالمية الثانية من قبل الدول المنتصرة في الحرب مع وضع لوائح ونظم انسانية كالديكور واضفاء صبغة الشرعية الدولية لتصرفاتها وهذه اللوائح غير قابلة للتطبيق في الواقع اذا دعت الحاجة لوجود الفيتو (حق النقض لأي قرار يوافق عليه مجلس الأمن بغض النظر عن عدالة القرار) من دول بعينها (وهذه الدول متفاهمة في ما بينها ضمنيا في كيفية استخدام هذا الفيتو ومتى يستخدم ودون الاعلان عن هذه الكيفية صراحة منعا للاحراج الدولي) وأخذت هذه المنظمة ردحا من الزمن حتى بدأت تتكشف أهدافها ومراميها الحقيقية للدول النامية وهي انها قامت اصلا لخدمة هذه الدول دون النظر للجوانب الانسانية لأي مشكلة ما حتى ولو كانت عادلة. فلما تكشفت لدول الفيتو (ان الدول النامية بدأت تتفهم الابعاد الحقيقية للمنظمة) سارعت لابتكار (منظمة الجات) لتكون نواة للأمم المتحدة التي ستنهار في يوم ما. فقط تعددت الأسباب وتطورت والغاية واحدة وهي جعل الضعيفة أكثر ضعفا والقوية أكثر قوة.

وأخشى ما أخشى ان فهم أبعاد منظمة الجات الحقيقية سيأخذ ايضا زمنا طويلا حتى تعرف الدول النامية ابعادها الحقيقية كما للأمم المتحدة.