الصراع العربي ـ الإسرائيلي.. إرادة القوة ضد قوة الإرادة

TT

منذ 15 مايو (أيار) 1953، ذلك التاريخ المشؤوم الذي شهد مولد الدولة الصهيونية، ونحن نشهد سلسلة من المفاوضات والمداولات والقمم العاجلة والبطيئة، التي أصبحت بمثابة العلاج الموضعي للحالة الإسرائيلية وبنج موضعي لإسرائيل لتخفيف المواجهة لحين استرداد عافيتها وجبروتها وطغيانها وغلظتها وشدتها.

فاوضنا في شرم الشيخ وأوسلو ومدريد وواشنطن وواي ريفر فلم تجد المفاوضات فتيلا ولم تحقق أملا ولم تنشد غاية، والعجيب اننا ما زلنا نركض ونلهث وراء سراب السلام ونتباكى عليه ونرحب به وبمسيرته وهو طريح العناية المركزة، توفي دماغياً وضعف نبضه وقلبه وجهزنا القبر وفي انتظار جثمان السلام ليتم دفنه وتستخرج شهادة الوفاة! ويا لهول المصيبة، اننا ننتظر ميتا والميت لا يحيا.

من حق رؤسائنا علينا طاعتهم والسير خلفهم وقد أطعناهم وسرنا خلفهم، لكن فشل السلام الاستراتيجي، الذي أقر بفشله الجميع، وعليه لا بد من البحث عن سلام آخر غير استراتيجي. ومن حق الشعوب على رؤسائها منحهم الفرصة وتحقيق رغباتهم والاستماع إلى آرائهم والسماح لهم وإعطائهم الفرصة لخوض تجربتهم. الشعوب العربية لديها السبل والوسائل الكفيلة بكبح جماح إسرائيل وقادرة على تقصير يد إسرائيل الطويلة، ولن تترك سادرة في غيها تهيمن وتعربد وتصول وتجول وتعيث في الأرض فساداً. الشعوب العربية قادرة على جعل أميركا تتفهم لجوء إسرائيل للسلام، بل تركيعها كما تفهمت لجوءها للعنف.

فلنتعلم الدرس من حزب الله وحماس والجهاد، فإن عدونا يخشى المواجهة. ولنتعلم الدرس من أطفال الانتفاضة وكيف واجهت صدورهم العارية الرشاشات لنأخذ العبرة، كيف أن الحرية لا تنال إلا بالنضال والدماء. فلنتعلم من الشعب الفلسطيني الذي أثبت أنه شعب يكبر مع الجراح، وأثبت بالصمود والوحدة والثبات، عجز العدو عن فرض إرادته، وأثبت أن الهجمات لن تنال من عزيمته ولن تثنيه عن صموده ونضاله وإرادته وحماية مقدساته والذود عنها. نعم ان الثمن باهظ والتضحيات كبيرة، وإذا كانت لدى إسرائيل إرادة القوة فإن للفلسطينيين قوة الإرادة، وقوة الإرادة لا محالة منتصرة على إرادة القوة كما قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:

ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر