رد من السفير بشارة

TT

> تطرق سمير عطا الله في عموده اليومي المنشور يوم الثلاثاء 14 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إلى ذكريات د. أحمد الخطيب التي كما تشير جاءت خالية من خزينة ذاكرته حول تحركات القوميين العرب وعلاقاتهم السرية مع الحكومات الثورية ومخططاتهم ضد المحافظين بما فيهم المسؤولون في دول الخليج، وقد تناولت شخصياً هذا الجانب في تعليقي على ذكريات الخطيب، ونشرتها صحيفة «الوطن» الكويتية في يوم 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، والواقع أن د. الخطيب في مذكراته وفي ملفاته، يظل دائماً الزعيم السياسي الشعبي الجماهيري، فهو ليس معنياً بالتنقيب عن حقائق التاريخ وليس مأخوذاً بضرورات البحث الدقيق عن صواب الأحداث، فلا شأن لذكرياته بالتدوين الواقعي الموثق، ولذلك خرجت ذكرياته بأسلوب سوالف الديوانيات المملوءة بالبهارات التشويقية الجماهيرية، فيها استباحات تاريخية وفيها تسفيهات للوقائع التاريخية، وقد وقفت شخصياً عند المحطة التي تناول د. الخطيب الفترة التي كان المرحوم الشيخ عبد الله السالم يعالج فيها إثر إصابته بالقلب، وكان د. أحمد الخطيب من الأطباء المشرفين على علاجه، وعند إعلان وفاته، كنت مع آخرين في مكتب وزير الخارجية آنذاك، سمو الأمير الحالي، نتلقى البرقيات ونتابع الاتصالات حول وفود التعزية القادمة، ولا أتذكر حادثة اعتذار لأي وفد أراد القدوم، ولم تصدر تعليمات بتأجيل أي طلب.

وأتذكر أن رئيس الوفد العراقي المعزي كان اللواء عبد الرحمن عارف شقيق الرئيس عبد السلام، الذي ضاع وسط جماهير المعزين في المقبرة، واتصلت به شخصياً مساء ذلك اليوم للاطمئنان عليه، حيث كان يقيم في فندق «الكارلتون»، ولم تتخذ إجراءات غير عادية للإسراع بالدفن منعاً لوصول المعزين.

وقد أشرفت شخصياً على كتاب أعددناه عن مسيرة الشيخ صباح السالم السياسية، وكتبه المؤلف البريطاني وليم جيرمان، وهو كتاب موثق وموضوعي تم ترتيبه وفق النهج العلمي البحثي، ودرسنا كل الوثائق الخاصة بعهد الشيخ صباح السالم بما فيها أيامه الأولى كأمير، ولم نطلع على أوامر بإزالة صور الشيخ عبد الله السالم ولم تلغ برامج الحداد ولم يصدح صوت الكويت بأغنية (راح وقت المزاح لما جانا صباح) أثناء تلك الفترة، لم يسجل تاريخ الكويت هذه الوقائع التي جاءت في ذكريات الدكتور...

يا صديقي سمير، قضيتم أيامكم كلها بحثاً عن الحقيقة، يضايقكم كثيراً التطاول على التاريخ، ويغضبكم تسفيه الوقائع، وعملتم في الكويت عارفين بأجوائها، وتشربتم أكثر من منابع السياسة في لبنان، مدركين بأن للآيديولوجيات سطوة غليظة، ليس من السهل التحرر منها، وهو واقع نكتشفه عند قراءة ذكريات الدكتور الخطيب.

ومثلك أدعو شهود الأحداث للتعليق على ذكريات د. الخطيب وإبرازها: كشف أسرار مؤتمر جدة (أكتوبر 1990) لا سيما الملابسات والمناورات والمساعي التي دارت لاختطاف المؤتمر، فمعظم العارفين بالأسرار ما زالوا يتابعون قضايا الوطن، وعليهم مسؤولية رفع الستار عن تلك الاحداث.

عبد الله بشارة الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون الخليجي