لماذا لا نطالب بلجنة مراقبين دولية لحماية الفلسطينيين يشارك فيها العرب؟

TT

إذا كان الفقر يؤدي إلى الضعف فإن الضعف يحرك شهوة الأعداء الذين ينتظرون الفرصة السانحة للانقضاض علينا، هذا الضعف الذي اصاب أمتنا هو الذي أدى إلى إنشاء الدولة العبرية قبل أكثر من خمسين سنة من حرب فلسطين عام 1948 تنفيذا لمقررات المؤتمر الذي دعا إليه (هرتزل) زعيم الصهيونية بسويسرا عام 1897، حيث تقرر إنشاء الدولة اليهودية ووضع المخططات الكفيلة بإقامتها خلال خمسين سنة في فلسطين وقامت الدولة بالفعل في الوقت الذي حدد لها من ذلك المؤتمر المشؤوم لتستمر مخططاتهم حتى قيام الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918)، التي دعمها اليهود للقضاء على الدولة العثمانية تمهيداً لإنشاء الدولة اليهودية. وكانت بريطانيا قد انتدبت اللورد (كامبل) لمنطقة الشرق الأوسط لبحث الأمر وتقديم تقرير لأصحاب الشأن فجاء في تقريره: ان هناك شعباً واحداً عملاقاً (يقصد الشعب العربي) يقطن في المنطقة الواقعة ما بين المحيط الأطلسي والخليج العربي ولا بد من قطع اتصال هذا الشعب بإيجاد دولة دخيلة تكون صديقة لنا وعدوة لأهل المنطقة وتكون كالشوكة في خاصرة (العملاق) لتمنع وتعوق نهوضه كلما أراد النهوض. كذلك قام (جونسون) المبعوث الخاص للرئيس (ايزنهاور) في الشرق الاوسط بمقابلة العرب واليهود وقدم تقريراً مفصلاً من ثلاث نقاط، يقترح في النقطة الأولى تقسيم مياه نهر الأردن بين العرب وإسرائيل لتأخذ إسرائيل النسبة الأكبر منه، ويقترح في النقطة الثانية تحديد حدود (مؤقتة) بين إسرائيل وجيرانها العرب تحدد (نهائيا) في ما بعد! ويوصي في النقطة الثالثة بجلوس العرب واليهود معا على مائدة مستديرة لحل خلافاتهم الحدودية إن وجدت، في محاولة منه لإعطاء اليهود حق التفاوض وبالتالي شرعية الوجود! فتلك هي الدولة اليهودية، وهذا هو التعاون الاستعماري الذي تمثل في وعد بلفور، وذلك هو التخطيط الصليبي لإنشائها.

وعليه اعتقد ان المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، السرية والعلنية بصورتها الحالية، لن تؤدي إلا إلى نتائج سلبية تحول دون إعلان الدولة الفلسطينية وبالتالي المماطلة والتسويف في عودة الحقوق المسلوبة لأهلها نتيجة للضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على الجانب الفلسطيني. إذن لا بد من الاستمرار في المقاومة للضغط على اليهود بعد أن تأكدت لنا جدوى المقاومة التي أدت إلى هروب المعتدين من جنوب لبنان. وبسبب الموقف المتردي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وسقوط المزيد من الشهداء لعدم التكافؤ العسكري بين الفلسطينيين وإسرائيل، فإن الموقف يتطلب من الدول العربية إرسال لجنة مراقبين دوليين من الدول العربية خاصة من مصر والأردن المرتبطتين بمعاهدة سلام مع إسرائيل، ومن شأن هذه اللجنة العربية إرسال رسالة واضحة وقوية لإسرائيل بأن الفلسطينيين لا يقفون وحدهم في أرض الواقع، وان وجود القوتين المصرية والأردنية، خاصة كلجنة مراقبين دوليين، من شأنه أن يحد من المواجهات بين الفلسطينيين وإسرائيل تمهيدا لمواصلة سير المفاوضات السلمية وفق توصية لجنة ميتشل ودعوة مجموعة الثماني الصناعية الكبرى التي اجتمعت بمدينة جنوى الإيطالية، وإذا كانت السلطة الفلسطينية قد رحبت بلجنة مراقبين دوليين من أميركا بناء على تصريحات الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أثناء جولته العربية والعالمية فمن باب أولى أن تطالب السلطة الفلسطينية وترحب وتدعم ضرورة ارسال لجنة مراقبين دوليين من الدول العربية خاصة من مصر والأردن الملتزمتين بمعاهدات سلام مع إسرائيل.