الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.. حالة استثنائية في التاريخ البشري

TT

إن المختلف في الصراع العربي ـ الاسرائيلي عن باقي الصراعات التي شهدتها الانسانية منذ بدء تدوين التاريخ هو أن المغتصب هنا يرفع راية العودة ـ الدموية ـ الاستعمارية مسنودة بأفكار ومعتقدات تلخصها مقولة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». كما يجد في أبشع الممارسات تجاه «الغرباء»، فعلا مشروعا بماضيه السوداوي الحافل بالتعذيب والمعاناة من قبيل المحارق وغرف الغاز أو ما يعرف بـ «الهولوكوست».

ويجد اليهود في صحفهم وكتبهم المقدسة مرجعيتهم التي تخول لهم إنشاء مملكة اسرائيل التي يظهر أنها غدت حلماً بعيداً. فنحن الآن أمام حالة استثنائية.. حالة يطالب فيها المجرم بإنصاف جرائمه واعتبارها حقاً، انطلاقاً من قراءة الخلفيات التاريخية لهذا السلوك اللاإنساني.

قراءة أخرى علمية بعيدة عن الآراء المحكومة بالدوافع العاطفية تقول إن اسرائيل دولة ذات تعداد يبلغ ستة ملايين نسمة على أرض مساحتها 21 ألف كلم2، وقوة عسكرية هي الأولى في المنطقة تضم 200 رأس نووي تفرض واقعية الخطابات.

إذن، فالواضح أن خيارنا الاستراتيجي المرحلي هو بتبني أطروحة الشراكة المختلة. هذه الشراكة التي أساء فهمها الجانب الاسرائيلي وأساء تقديرها لغياب الحد الادنى من التوافق والتنسيق الدبلوماسي بين العرب في واقع يستند إلى تشتت المواقف وتمزقها.

إن المؤكد في هذا الصراع أن الحلول النهائية المرضية لن يتم التوصل إليها إلا حينما تتساوى القدرات بناءً على تساوي العدالات فالاشياء للآن ما زالت غير واضحة فنحن في أكثر المناطق الفكرية تموجا خارجون من حرب، باحثون عن سلام، ولحظة الفراغ هذه لن تكون إلا لحظة الأزمة كما قال الشاعر العربي محمود درويش.