الجريمة جريمة والقانون قانون ولا مكان للعاطفة بينهما

TT

اسدل القضاء المصري الستار على اقوى قضية درامية مثيرة بالحكم على المتهم بخطف الالمان الاربعة بالاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة، تلك القضية التي تعاطف فيها لأول مرة الرأي العام والاعلام مع ظروف المتهم الذي اراد رؤية طفليه الموجودين بألمانيا، لكن الجريمة جريمة والقانون قانون ولا مكان للعاطفة بينهما اللهم الا ما سمح به القانون باستعمال الرأفة عند اصدار الحكم على المتهم اذا كانت جريمته وليدة اللحظة وهناك ظروف وملابسات يقدرها القاضي، اما اذا كانت الجريمة مدبرة مع سبق الاصرار والترصد فينبغي على القاضي تطبيق اقصى العقوبة على مرتكب الجريمة من دون ان تأخذه به رحمة او شفقة.

والقضية المتهم فيها المرشد السياحي المصري ابراهيم موسى هي قضية متكاملة الاركان الجنائية، حيث سبق له ان اصر وخطط ودبر جريمة الخطف وترصد لضحاياه بالاتفاق مع آخرين وهو بكامل قواه العقلية المعتبرة شرعا مستغلا بذلك وظيفته كمرشد سياحي اتاحت له استدراج ضحاياه الاربعة وهم آمنون ومن ثم قام بتخديرهم وتكبيلهم وتهديدهم بالسلاح وحجب حريتهم وتعريض حياتهم للخطر من دون ان يكونوا اصلا طرفا في قضيته الاساسية، مما ترتب على جريمته الآتي:

1ـ الإضرار بسمعة مصر السياحية.

2 ـ إشغال الجهات الامنية والدبلوماسية في كلا البلدين.

3 ـ محاولة الضغط لاختراق القوانين في كلا البلدين لتحقيق هدفه رغم علمه المسبق بها والتي تؤدي في النهاية الى احراج العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

لذلك فإن ما قام به المتهم يعتبر ارتكابا لجريمة متكاملة الاركان والمستحق عليها عقوبة الاشغال المؤبدة وفق المادة 188 من قانون العقوبات. وكان يمكن للمتهم ان يسلك ابوابا كثيرة من اجل رؤية طفليه كما يدعي، فكان بإمكانه توكيل محام الماني لمقاضاة وزيري الداخلية والخارجية الالمانيين او ان يقدم طلبا لمنظمة حقوق الانسان او ان يقدم طلبا لوزير الخارجية المصري للسعي والتفاوض عبر القنوات الدبلوماسية بين البلدين لحل مشكلته او ان يقوم بالاعتصام امام مبنى السفارة الالمانية بالقاهرة مضربا عن الطعام وهو اضعف الايمان.

ويتبقى سؤال.. اذا كان القضاء المصري قد حسم القضية الجنائية واعاد حق الالمان الاربعة وانتصرت الدبلوماسية الالمانية، فهل تحسم الخارجية المصرية القضية الانسانية وتستطيع تمكين المتهم من رؤية اطفاله فورا وتكفل مداومة طفليه لزيارة والدهما وهو مسجون؟

فالقضية الاساسية لا تزال مستمرة ولم تنته بعد الا بتحقيق الجانب الانساني للمتهم.