الأمم لا تبنى بالعصبيات والتشنج بل بتجاوز الخلافات وصغائر الأمور

TT

لقد تحدث قارىء عن موضوع الهوية في معرض رده على آدم النور. أولاً: لا ينكر أحد الوجود العربي في السودان الذي يمثل 39% كما ورد في بعض المراجع العالمية، كما أن مسألة الثقافة العربية الإسلامية واللغة العربية تعززان هذا الأمر حتى صارت اللغة العربية لغة كل أهل السودان بمختلف أعراقهم رغم وجود اللهجات الأخرى. كل ذلك تم بصورة انسيابية وتلقائية بدون قهر أو ظلم وبذلك صارت اللغة من عوامل توحيد الأمة السودانية حتى في جنوب السودان الذي يخلو تماماً من القبائل العربية. وتحدث خالد بشيء من العصبية ولا ندري لماذا علماً بأنه دكتور؟

كان الأفضل لمثله أن يكون أكثر موضوعية خاصة وهو يمثل الطبقة المستنيرة التي يُرجى منها الكثير في بناء الأمة. تحدث الكاتب ولا أدري إن كان يدري أم لا يدري عن تاريخ وجغرافية السودان.. فكل من دخل المدرسة يعلم أن إقليم كردفان يقع في وسط السودان وقبيلة الكبابيش التي ينتمي إليها الكاتب تمثل واحدة من أكبر القبائل العربية التي تعيش في شمال الإقليم وهي مشهورة بتربية الإبل وربما كانت لهم جيوب في مناطق أخرى ولكن هذا هو موطنهم كما ورد في المراجع التاريخية وإلى الآن.

لقد ذكر الكاتب بأن كل من رآه تأكد من أنه عربي!! ماذا يعني بذلك؟ هل يعني بأن كل أهل السودان عرب؟ هل هو صار بذلك مثالاً للإنسان السوداني؟ أيعقل أن تناقش المسائل المتعلقة بالهوية والقومية السودانية بمثل هذه المعايير الشخصية الضيقة أم يتم تناولها في إطار قومي وبصورة نسبية وصولاً لحلولٍ توفيقية ترضي كل الأطراف.. هل يُعقل أن تناقش مسألة الهوية في بلد كالسودان متعدد الثقافات والأعراق بهذه الطريقة؟ ثم ماذا لو انبرى لنا آخر وقال إنني أفريقي الملامح ويجب أن أدافع عن ذلك وحشد كل طرف قواه ماذا تكون النتيجة؟

إن بناء الأمم لا يتم بالعصبية والإرهاب بل بالتسامح والاعتراف بالآخر وتجاوز الخلافات وصغائر الأمور وصولاً للهدف المنشود. أما دعوتك لما يسمى برواد الفكر العروبي في السودان، أولاً لا توجد منظومة بهذا الاسم ولكن هناك كتاب وأدباء وطنيون يسعون ليل نهار لخلق سودان الوحدة والتطور والنماء. أرجو أن نعي الدرس جميعاً ونعود إلى رشدنا لإنقاذ هذا البلد المغلوب على أمره قبل فوات الأوان.