أساليب التضليل الصهيوني في الغرب.. أين الإعلام العربي من نظيره العالمي؟

TT

تعليقا على مانشرته جريدة «الشرق الاوسط» حول موضوع تغلغل الاعلام الصهيوني في المجتمعات الغربية، اود المشاركة بهذه المحاولة.

ولا أود هنا الإسهاب في التحدث عن أساليب التضليل الصهيوني في الإعلام الغربي أو العربدة فيه ان جاز التعبير، فهي معروفة لدى الإعلاميين، لكن أود أن أقف عند حقيقة أذكرها عندما كنت طالبا في قسم الإعلام، فقد قام وزير إعلام تونسي سابق بزيارة قسمنا وألقى محاضرة عن الموضوع نفسه الذي نتحدث عنه وهو أساليب التضليل الصهيوني في الإعلام الغربي والعالمي. وقد ذكر الوزير في محاضرته، ان إسرائيل، هذا الكيان المغتصب، بصدد إطلاق قمر صناعي احدى أهم المهام الأساسية له هي غسيل الدماغ العربي. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل انني أقول إن أحد الأبعاد الأساسية له هو غسل الدماغ العالمي، وتضليل الرأي العام العالمي وتشويه الحقائق وقلب الأمور لصالحها وكدليل على ذلك أذكر أنني كنت مرة أشاهد التلفزيون الإسرائيلي عبر الأقمار الصناعية وأذكر أنه كان يعرض فيلماً وثائقياً أقرب ما يكون إلى التزوير ومغالطة الحقائق، عن المذابح التي تعرض لها اليهود في عهد النازية، ومن ضمن ما عرضه هذا البرنامج لقطة لإحدى المقابر التي دفن فيها ضحايا تلك المذبحة، على حد زعمهم، وكان أداء المعلق في ذلك البرنامج مؤثراً ومعبراً للغاية وكان باللغة الانجليزية ومن ضمن ما ذكره قوله: خمسون ألف يهودي دفنوا في تلك المقبرة.

وكان المشهد معبراً جداً والتعليق لا يقل إثارة، بقصد كسب التعاطف العالمي مع اليهود وكسب ودهم ومشاعرهم. ولا أجد حرجاً أن أقول لولا أنني مسلم متشبع بالفطرة والعقيدة الإسلامية لتعاطفت مع ذلك المشهد وذلك الفيلم، فإذا كان هذا هو إحساسي فكيف ستكون مشاعر وإحساس الفرد الغربي أو أي كائن في هذا العالم، خاصة ممن لا يعرف زيف الصهاينة وافتراءهم وأساليبهم التضليلية الماكرة، وهكذا فهم بالاضافة إلى أنهم ملوك الدراما وملوك الإغراء والمفسدين في الأرض، فهم أصحاب غدر ومكر وخداع. وثمة أمر آخر وهو لا يعلمه كثير من الأوساط في الرأي العام العالمي، وهو ما يرتكبه الصهاينة اليوم من مجازر وحشية وجرائم بحق الإنسانية وفي حق الشعب الفلسطيني وهو ما يشاهد على شاشات التلفزيون في العالم وعلى مرأى ومسمع العالم، غير أنه يكون خافياً لدى الكثير من الشعوب في العالم. وهذا يرجع لعدة أمور منها تغطية إسرائيل لجرائمها وحجب الحقائق عن أنظار العالم بما تقوم به من بشاعات وجرائم لا إنسانية في فلسطين وغيرها وقدرتها الفائقة على قلب الحقائق والموازين لصالحها. فهي تظهر أمام العالم كالحمل الوديع والضعيف والمضطهد دائما، بينما هي في واقع الأمر من أشرس شعوب الأرض وأكثرها عداوة للإنسانية، والأمر الآخر هو جهل الرأي العام الغربي والعالمي لكثير من الحقائق عن إسرائيل والصهيونية العالمية ومخططاتها الإجرامية ضد البشرية. وثمة حقيقة لا بد أن تتفهمها شعوب العالم قاطبة وهي أن المخططات الصهيونية التوسعية والرغبة في السيطرة ليست مقتصرة على العرب وحدهم وليسوا هم المستهدفين وحدهم، إنما العالم بأسره والبشرية جمعاء، والرغبة في السيطرة على العالم. وإذا كان من أمر آخر نضيفه في هذا السياق، ونقولها بكل أسف، هو قصور الإعلام العربي في إيصال الحقائق إلى الرأي العام الغربي والعالمي وكشف الحقائق التاريخية والمناصرة للمخططات الصهيونية، فالإعلام العربي لا يزال مشلولا، وما يعصر القلب ألماً أنه في خضم هذه الأحداث الخطيرة والعاصفة التي تعيشها الأرض المحتلة والمنطقة بأسرها يقف الإعلام العربي وبكل أسف متفرجاً على تلك الأحداث الدامية والخطيرة من دون تحريك ساكن، والفلسطينيون معزولون لوحدهم ومتروكون كالفريسة لعدوهم الشرس، فعلى الرغم من كل ما يجري فليس هناك أي دعم أو مؤازرة لا سياسية ولا عسكرية ولا إعلامية ولا اقتصادية وكأن الفلسطينيين هم المعنيون بالأمر لوحدهم. وهنا أتساءل إذا لم يتحرك الإعلام العربي الآن وسط هذه الأحداث فمتى سيتحرك؟ أم أنه سيظل يغط في سباته العميق؟ أم انه سيظل عبئا وعالة على الإعلام الغربي كما نحن دائما عالة على العالم في كل شيء؟ وإلى متى سيظل الإعلام الغربي والعالمي يقوم بخدمة قضايانا والدفاع عنها وهذه حقيقة مسلم بها؟

فمعظم، إن لم يكن كل القضايا العربية والإسلامية، يقوم الإعلام الغربي بتغطيتها ونقل حقائق للعالم ابتداء بقضية فلسطين وصراعنا مع العدو الصهيوني ومروراً بأفغانستان ولبنان وغيرها من القضايا العربية والإسلامية، وما أخشاه هو أن يكون الوقت قد فات لخدمة القضية الفلسطينية خاصة ما يجري الآن، فأي عمل لا بد أن ينطلق من قاعدة ثابتة ويقوم على أسس، فنحن نفتقر إلى هذه الأمور كلها، وليست لدينا استراتيجية إعلامية عربية واضحة أو محددة، ولا يوجد أي تخطيط إعلامي مدروس، هذا على الرغم من وجود وتوفر جميع الطاقات والإمكانات من مادية وبشرية وفكرية.