ما بين الرأسمالية وعدوها القديم

TT

> تعقيبا على مقال رضوان السيد «اختلال العالم وإصلاحه بين الإسلاميين واليساريين»، المنشور بتاريخ 19 مارس (آذار) الحالي، أقول: إن الحرب الباردة انتهت بكل تداعياتها، وانتصرت بنتيجتها الرأسمالية وأسواقها الحرة، ومن ثم أصبحت النموذج الذي يسعى الكل إلى تطبيقه. لكن للأسف الشديد، سرعان ما ظهر وجهها القبيح مع انقشاع هالة النصر وزوال مساحيقه، مع أول اختبار للرأسمالية ضد مصالحها، مثل وصول من لا تريده إلى مقاعد السلطة عبر صناديق الانتخاب، بالإضافة إلى انتهاكات الحقوق المدنية، حتى في بريطانيا أم الديمقراطيات. هذا الفشل يؤدي بالضرورة إلى ظهور جماعات مناوئة كالتيارات الدينية الراديكالية، أو إلى إحياء الاتجاهات اليسارية التي أوشكت على الاندثار. وهنا يقع المثقفون في مطب الاهتزاز الفكري بين الإيمان بقوة النموذج النظري وضعف معطياته على الأرض خارج بيئته الأصلية. بل وقد يصل الشك إلى صلب النموذج نفسه قياسا على ما يحدث. ولهذا بدأ الكثير منهم في البحث عن الوسطية، كالحوار بدلا عن الصراع، والتعديل على الأصل ليلائم وقائع كل أرض تجنبا للمواجهة المباشرة. وهو باعتقادي السبيل الأفضل للخروج من حالة الاختلال الراهنة.

د. عوض النقر بابكر محمد - السعودية [email protected]