الدرع الصاروخي الاميركي..العرب يهمهم ايضا مصير البشرية

TT

حول افتتاحية «الشرق الأوسط» بتاريخ 25/8/2001، تحت عنوان «الرئيس الأميركي.. والدرع الصاروخي»، أود أن اضيف بعض الملاحظات نظراً لأهمية القضية المثارة ولأنها قضية تهم منطقتنا العربية بوجه خاص.

معروف عن الولايات المتحدة انها دائماً تبحث عن مبررات لتنفيذ مشاريع التسلح كما كان يحدث طوال فترة الحرب الباردة حتى نهاية الاتحاد السوفياتي وانهيار المعسكر الاشتراكي فلا عجب إذن ان تكون «العلة» كامنة في الدول التي تصفها بـ «المارقة»، ولقد وضع مقال الصحيفة يده فوق الجرح: ان تلك الدول تستطيع «إصابة أهداف في دول حليفة» للولايات المتحدة كما حدث في حرب الخليج الثانية.

يكتسب التخوف الذي جاء في الافتتاحية شرعيته اعتبارا لميل كثير من الدول، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، لاقتناء الصواريخ ذات المديين القصير والمتوسط وتستبدلها بالطائرات العسكرية المكلفة. وبناء على ما تقدم، لا بد أن نقف عند دعوة الصحيفة لدول الشرق الأوسط «دراسة مشروع الدرع الصاروخي الأميركي»، خاصة ونحن نعلم انه لا القدرة الدبلوماسية ولا السياسية لها قدرة تأثير في واشنطن لاقناعها «بعدم المضي قدماً في المشروع». وإذا استبعدنا هذا الاحتمال الأول، أي دراسة المشروع، وتحديد موقف واضح من قبل دول الشرق الأوسط في جدوى أن «تصبح طرفاً فيه».

ان طرح موضوع كهذا ليس بالأمر الهيّن، لكن صحيفة «الشرق الأوسط»، تتحلى بشجاعتها المعهودة ولم تتردد في الاقدام على تلك المخاطرة وعليه لا بد من التعليق على جدوى أن تصبح دول الشرق الأوسط طرفاً في مشروع الدرع المضاد للصواريخ في الوقت الذي تعترض فيه بعض الدول الأوروبية الحليفة لأميركا على تنفيذه، بالاضافة إلى روسيا والصين. واذا تغاضينا عن تلك النقطة لا بد من الاشارة الى الكلفة الاقتصادية العالية التي ستصبح عبئا على كاهل دولنا في مشروع هو في الأساس سيوفر الحماية للولايات المتحدة، كما أن تأييد المشروع ودعمه سيجعلها ـ دول الشرق الأوسط ـ الحليفة لأكثر عرضة لمخاطر ان تقوم «الدول المارقة» ـ إذا جاز لنا استخدام هكذا مصطلح ـ بتوجيه ضرباتها لتلك الدول سواء في الشرق الأقصى او الخليج ووسط آسيا والشرق الأوسط، لأنها ستكون اضعف الحلقات طالما انها غير قادرة بصواريخها قصيرة ومتوسطة المدى على إصابة اهداف في الولايات المتحدة.

لا شك أن المشروع الأميركي سيعيد اشعال فتيل الحرب الباردة مجددا ويفتح الباب على مصراعيه لسباق تسلح جديد ستكون نتيجته زيادة حدة التوتر على الساحة الدولية على حساب السلام المنشود وعصر الرخاء. والمراهنة على ألا قدرة لموسكو والصين على تحمل هكذا سباق اعتمادا على العبء الاقتصادي، أمر في غاية التبسيط، لأن للدولتين قدرات اقتصادية هائلة ستوظف في سباق التسلح بعيداً عن مشاريع التنمية ومحاربة الفقر والجوع والامراض. ولنا في تجربة الحقب الماضية خير دليل على ذلك. ويبقى السؤال الذي يطل برأسه هو: ما العمل؟ ربما هذا السؤال الذي يدعونا للبحث عن إجابة حاسمة لأن مصير الانسانية أمر يهمنا كذلك.