السودان .. تحرير وعي الناس أقل إيلاما من تحريرهم بالسلاح

TT

نلاحظ دائما في كتابات بعض النخبة السودانية وجهة النظر المغرضة التي تحاول تهميش الدور المصري العميق والممتد عبر العصور والمؤثر في الساحة السياسية السودانية وعمق العلاقات الاقتصادية والوجدانية التي تربط بين مصر والسودان، هناك حقائق لا بد ان تعترف بها النخبة السودانية وتضعها في نصابها الصحيح ونحن بصدد عرضها هنا.

معظم الحركات الوطنية والأحزاب ايضا في السودان كانت امتداداً لمثيلاتها في مصر، الثورة المهدية ـ حركة أحمد عرابي، اللواء الأبيض ـ ثورة سعد زغلول والأحزاب (الشيوعي ـ الاخوان المسلمون ـ الناصريون)، كل هذه الاحزاب نشأت كامتداد لمثيلاتها في مصر، كما لعبت الشقيقة مصر دوراً كبيراً في استقلال السودان عام 1956. ان اثارة الكراهية ضد مصر في اوساط العوام في السودان وفي العالم العربي من فعل الاستعمار الامبريالي ـ الصهيوني، وادواته في المنطقة (الطابور الخامس)، ومحاولة تهميش مصر أو الافتراء عليها، عمل بشع ونحن سنذكر بعض النماذج كذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ونتمنى لو يفندها المرجفون.

اليوم تقدم مصر مبادرتها السياسية لحل الأزمة السودانية والمحافظة على وحدة التراب السوداني، ونحن كسودانيين أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الالتفاف حول المبادرة المصرية والارتفاع الى مستوى المسؤولية وجلوس كل القوى السودانية في طاولة المفاوضات من خلال المؤتمر القومي الدستوري أو أي مسمى آخر يقود إلى إنقاذ السودان وسلامة اراضيه، أو إتباع الظن وما تهوى الأنفس والركض خلف سراب الحل الأميركي الذي يسعى إلى تفكيك السودان اسوة بالاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا واندونيسيا وهلمجرا.

على الحركة الشعبية ان تعرف انها حتى هذه اللحظة لا تملك الشرعية الدستورية التي تخولها للبت في قضايا مصيرية مثل حق تقرير المصير، ايضا ينطبق الشيء نفسه على النظام الحاكم في السودان. وعلى الحركة الشعبية ان تبحث لها عن منبر سياسي تعبر به عن برنامجها (السودان الجديد)، لأن تحرير وعي الناس أقل إيلاما من تحريرهم بالسلاح، وعلى الحزب الحاكم في السودان (المؤتمر الوطني) أن يرفع وصايته عن الشعب السوداني الذكي ويلغي كل القوانين المقيدة للحريات ويفتح المنابر الحرة للجميع بما في ذلك المؤتمر الشعبي والتجمع والحركة الشعبية ايضا.