الشعب الإريتري حصل على الاستقلال بالإرادة القوية

TT

> تعقيبا على مقال بلال الحسن «تهديد إسرائيل للعرب في أفريقيا»، المنشور بتاريخ 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي جاء فيه: «حين استقلت إريتريا بعد ثورة مديدة، لم تستطيع أن تنال الاستقلال إلا بعد أن قبلت قيادتها المتأخرة بالتلاقي مع السياسات الأميركية، ودخلت إسرائيل على خط إريتريا، وعملت فيها بالاتجاه نفسه، أي محاصرة مصر سياسيا من الخلف، ثم التركيز على ما هو أهم، أي الوجود على شواطئ البحر الأحمر قريبا من مصر والسودان والسعودية».

أولا: يلمح كاتب المقال إلى أن استقلال إريتريا تم بمقايضة بين القيادة الإريترية وبين أميركا وإسرائيل لتكون إريتريا المستقلة أداة تهديد لدول المنطقة، خصوصا مصر والسودان. ونحن نستغرب ونتعجب من هذه المقولات لأن الواقع المعيش والحقيقة المترجمة على أرض الواقع أن بين إريتريا ومصر والسودان تفاهما استراتيجيا ورؤية تكاد تكون متطابقة لحل القضايا المثارة في إقليم القرن الأفريقي (الصومال، مياه النيل، وجود الأساطيل الأجنبية في البحر الأحمر). وللعلم، إن إريتريا هي الدولة الوحيدة - ضمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر - التي قدمت اقتراحا «واضحا ومحددا» حول البحر الأحمر وما يتعلق بأمنه واستغلال ثرواته، مطالبة «مصر والسعودية» - كدولتين كبيرتين في إقليم البحر الأحمر - للقيام بمبادرة تؤطر من خلاله الدول المشاطئة للبحر الأحمر للتفاهم حول أنجح السبل لتحقيق أمن البحر الأحمر وكيفية الاستفادة المشتركة من ثرواته، وما زال الاقتراح الإريتري مطروحا في الساحة ولم تتلقّ الرد حتى الآن.

ثانيا: الكاتب نسي أو تناسى تضحيات الشعب الإريتري ونضاله المرير في درب الحرية حتى تمكن من إلحاق هزيمة عسكرية مدوية بأكبر قوة عسكرية في جنوب الصحراء (إثيوبيا) عام 1991 في ساحة المعركة بين الثوار الإريتريين المتسلحين بإيمان وإرادة قوية بعدالة قضيتهم وبين الجيش الإثيوبي الذي انهار في مواجهة هذه الإرادة والقناعة، وانسحب بأفواج من أرض المعركة إلى السهول السودانية والجيبوتية.

كان الأَولى بالكاتب أن يعترف بجدارة هذا الشعب الإريتري لنيل حقوقه، وأن يقدمه كنموذج للصلابة والتحدي والصبر والمثابرة، لشعبه الفلسطيني، لنيل حقوقه مهما كانت الصعوبات والتحديات.

ثالثا: مخاطبة الشعوب من أبراج عليا ومحاولة إعطائهم الدروس في كيفية إدارة شؤونهم ومصالحهم لم تعُد تجدي، والشعوب الأفريقية - ومنهم الشعب الإريتري - أكثر وعيا مما يظنون.

سفارة دولة إريتريا في القاهرة