مسيرة تأخرت كثيرا

TT

> ليسمح لي هاشم صالح أن أحشر أنفي في الموضوع الذي تناوله في مقاله «مفهومان لليبرالية.. إيجابي وسلبي»، المنشور بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مدفوعا بالتوق إلى الحرية التي لا تشكل بالنسبة لنا غاية بحد ذاتها، بقدر ما هي وسيلة لتحقيق كرامة الإنسان وإسعاده. إن الخوض في شأن الليبرالية بالنسبة لمجتمعاتنا أمر نسبي. فمن يتمتعون برفاهية اقتصادية منصرفون تماما - بفعل السلطة - عن الخوض فيها هي وأخواتها، ويعتبرونها رفاهية، خلافا لمن يعانون شظف العيش واكتشفوا أهميتها في منحهم هامش وعي ثقافيا وسياسيا أوسع. لقد بادر البعض، من أبناء نخبنا، إلى رفد التيارات المتحجرة في وقت أشد ما نكون فيه إلى الليبرالية الإيجابية. وبتقديري إن هذا الموقف جاء انعكاسا للقلق الذي يعانيه أعداء الليبرالية والحداثة الذين استشعروا اقتراب مجتمعاتنا من استحقاقات العصر بعد تبلور ثقافة قطاعات واسعة في المجتمع وتبدل وعيها بالمفاهيم المتعلقة بالسلطة والمجتمع، وإدراكها لآليات الخلاص من وطأة التخلف والاستبداد. أما حديث بعض أعداء الليبرالية عن الخصوصية، ودعوتهم إلى الزحف البطيء والتدرج، فأعتقد أنهم يؤخرون بذلك مسيرة تأخرت أصلا مئات السنين، ولم يعد ممكنا منحها المزيد من الوقت لكي تواصل جمودها الذي طال فعلا.

علي إبراهيم - ليبيا [email protected]