لا أطيقك ولا أقدر على بعدك

TT

> تعقيبا على مقال صالح القلاب «الماجدة أول من بشر بمجيء بن علي خلفا للمجاهد الأكبر»، المنشور بتاريخ 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، أقول: إن بن علي لم يكن رقما مستبعدا كثيرا حتى يورط الدولة في انتفاضة 84، التي كان من الممكن أن تنهيه سياسيا. ولفهم ما حدث ويحدث، لا بد من إدراك أن بن علي يعتبر ساحليا كبورقيبة، فكلاهما من المنطقة نفسها: الأول من سوسة والثاني من المنستير. وليس صحيحا أن بن علي عصامي بدأ من الصفر، لكنها تصورات بورقيبة الاجتماعية التي جعلت الساحلي وزيرا ومقربا. العلاقة بين بن علي وبورقيبة هي كالعلاقة بين المنستير وسوسة (لا أطيقك ولا أقدر على بعدك). فرغم أن بن علي أعلن الوفاء لإرث بورقيبة العلماني، فإنه أسقط أي خلل تنموي على عهده، وحاول النأي بسياساته التي يفترض أن تحقق نجاحا عن بورقيبة. بل إنه بعد الرئاسة الأخيرة، ترك العنان للمثقفين والإعلاميين لنقد بورقيبة علنا ونشر الكتب عن عهده. نسي بن علي أثناء خلعه عباءة بورقيبة، أن يتخلص من أفكار المجاهد الأكبر الاجتماعية، والتي هي خلل عظيم لأحد متنوري الأمة العربية، من حيث الانتقاص من المناطق الجهوية والداخلية، التي لها خلفية شخصية مع بورقيبة، أصاب فيها من حيث المبدأ لكنه أخطأ من حيث الحق والتطبيق، فكان أن استمر في عهد بن علي هذا الشقاق بين الساحل الشرقي والصحراء.

عماد قنديل - الولايات المتحدة [email protected]