ويني مانديلا التي خرجت من ذاكرة نيلسون!

TT

إن الذي يطالع مقالة إسراء عبد الله من نيويورك، التي جاءت تحت عنوان «ويني مانديلا لا تستحق هذه المعاملة»، والتي نشرت بجريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 27/10، من العام الحالي، والتي ناشدت فيها الكاتبة نيلسون مانديلا أن يقف إلى جوار زوجته السابقة، ويخلصها من ذلك العذاب الذي تعيش فيه بعد أن أصبحت منبوذة تواجه المحاكم والاعتقالات ومطاردة رجال الشرطة لها.

يجد انها مقالة قد خلت تماما من ذكر الأسباب التي أدت إلى أوجاع ومصائب ومحن ويني، بل انها ايضا مقالة أحجمت فيها الكاتبة عن ذكر الدوافع التي حدت برجال الشرطة لملاحقتها، وعليه رأيت أن أكتب كلمة، وأن تسمحوا لي بالتعليق التالي..

لقد كان جميلا من الكاتبة أن تبكي حال من غدر بهن الدهر من بنات جنسها، وأن تكتب عن زوجة مانديلا، التي قلب لها الدهر ظهر المجن. وفي الوقت نفسه، نقول بأن هناك حدودا يقف عندها التسامح، كما في الأديان السماوية والقوانين الوضعية. ففي الجرائم الكبيرة مثلا، التي ترتكب في حق الشعوب والأقليات واضطهاد الافراد والجماعات، يكون من المحال تطبيق مبدأ «عفا الله عمّا سلف»، على مرتكبيها. ولنأخذ على سبيل المثال (وطالما الأمر يتعلق بويني مانديلا)، بعضاً من تصرفاتها السيئة، التي أودت تماماً بسمعتها ومكانتها. يقول أحد الصحافيين من جنوب افريقيا في نقده لممارسات ويني وكيف أنها استغلت اسم زوجها وراحت ترتكب جرائم زكمت الأنوف «ان جنوب افريقيا قد ابتليت بمصيبتين: ويني والإيدز!».. وهذه المقولة البالغة القسوة والشدة، تجعلنا نطرح ذلك السؤال حول: لماذا تغيرت أخلاقيات ويني إلى الأسوأ؟ ولماذا أصبحت قبلة للمطاردة والاعتقالات؟ وللإجابة عن هذين التساؤلين، كان لا بد أن نرجع إلى أحد أعداد جريدة «الشرق الأوسط» السابقة، بتاريخ 12/7/1999، والتي نشرت وقتها تحقيقاً تحت عنوان «يخرجونهم من السجن بكفالة ليقتلوهم»، الذي جاء فيه «غادر يوهانس ماناميلا السجن معتقداً أن أقرباءه هم الذين دفعوا مبلغ 4 آلاف رند جنوب افريقي قيمة كفالة لحريته، لكنه وجد نفسه ضحية معسكر ويني مانديلا، الذين جروه إلى محكمة شعبية حكمت عليه بالإعدام وهكذا طعن وبلل جسمه بالبنزين قبل ان يطوق باطار سيارة اشتعلت فيه النار. لقد كانت مثل هذه الاعدامات هي واحدة من اساليب المحاكم الشعبية التي ابتدعتها ويني في طول البلاد وعرضها. لتفرض من خلالها سيطرتها على زمام الامور مستغلة انها زوجة رجل البلاد الاول، وراحت تعمل وعبر سلسلة من الاجراءات الارهابية والاغتيالات والخطف في اقامة دولتها الخاصة داخل الدولة الام.