كلمة حق لا بد أن تقال

* من ابو شهاب المدني ـ المدينة المنورة:

TT

عندما علمنا ان تركي الفيصل سيتحدث في الـ«ام بي سي» (MBC) الساعة الثامنة من مساء السبت 11/3 سارعنا الى الغاء ارتباطاتنا وتهيأنا للاستماع لما سيقول، ليس في مجال السياسة فقط، لكن عن قضية اعادة اعمار افغانستان.

ونحن لم نجلس للاستماع اليه بحكم منصبه السابق، وهو الآن على التقاعد، كما قرأنا، لكن لأننا نحب تركي الفيصل من القلب، فإنه المسؤول، المتواضع، الرقيق، الودود.. والذي وهو في اعلى مراكز القوة، لا ينسى تقديره لاقل الاشخاص، واصغر العاملين معه، او المتعاونين مع اعمال البر والرحمة التي يقوم بها في السر والعلن، واضافة الى الجهود الهائلة التي بذلها مع الافغان وغيرهم لتوحيد الصف، وحقن الدماء، ووأد الفتن، الا ان ذلك لا يثنيه عن اطلاق اكبر مشروع لاعادة اعمار افغانستان وهو مشروع خادم الحرمين الشريفين لاعادة اعمار افغانستان.

بدأ المشروع بانشاء كلية العمران والهندسة حوالي 1988، الذي تخرجت فيه عدة دفعات من الهندسة بفروعها المختلفة، ما زالوا عاملين في الساحة، ومنهم من اضطر للهجرة الى الغرب او الشرق يحملون وسام هذه الكلية العظيمة.

وبعد ذلك اطلق المشروع الذي انتشر في كل الولايات الافغانية ما عدا اثنتين في الشمال، وشمل المشروع: اعادة بناء المساجد والمدارس والوحدات الصحية، والمشروعات الزراعية، والثروة الحيوانية، والآبار العميقة والترع ودعم البلديات، وبدء الصناعات الصغيرة، واصلاح محطات الكهرباء، ودعم التدريب المهني وانشاء مدارس نموذجية له، واصلاح الطرق، ودعم وتمويل صغار المزارعين والمشروعات الصغيرة، واصلاح شبكة الاتصالات، اضافة الى دعم العائدين، وغيرها من الاعمال التي خدمت الآلاف من الافغان، ووصل عددها الى ما يزيد عن 400، اكتمل منها حوالي السبعين مشروعا. وان مشروع التدريب نفذ بهدوء وصمت، وآثاره كانت اساسية في فائدتها للأفغان، ولم تكن مثل الافعال الدعائية الرخيصة، او لاغراض التجسس والضرر التي تقوم بها اغلب الجهات الأخرى العاملة بالساحة.

ولم ينس تركي الفيصل الشباب السعودي والعربي والافغاني المسلم الذي وقف معه في هذا المشروع وغيره والذي زاد عددهم عن الف ومائة، فأشار اليهم اشارة مضيئة، وهم وغيرهم يمثلون يد الاسلام التي تنشر الخير والبر والرحمة والحب في بلاد الافغان وغيرها.

واقول للاخ الحبيب تركي الفيصل: انه على الرغم من يد الغدر والسفاهة والحقد التي تقدمت لاغتيال مشروعك الرائد، الا ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا.

واقول له ان الرجال الذين وقفوا معك في هذا العمل الجبار ما زالوا معك، وفي انتظار اشارتك واشارة الرجال الصالحين من ابناء هذا البلد المعطاء لاعادة مشروع التعمير المتكامل لخدمة اخواننا واخواتنا الافغان الابرياء الكرام، والذين طال ليلهم، وطال ظلمهم، وطال التآمر الاجرامي ضدهم. واقول له: انه على الرغم من تشتت اغلبهم ووقوفهم في الظل خوفا من تهم الارهاب للمؤسسات الخيرية الاسلامية، بل واستشهاد بعضهم اثناء عملهم في المشروع، الا انهم ما زالوا على العهد، لا يريدون من احد جزاء ولا شكورا، ولا يبتغون الا مرضاة الله ثم خدمة بلدهم الحبيب الطيب، سواء منها تلك التي تعطي او تلك التي تأخذ.

ومن المفارقات العجيبة انه في اليوم الذي أجري فيه اللقاء مع تركي على MBC تمت المراجعة النهائية لكتاب «مشروع خادم الحرمين الشريفين لاعادة اعمار افغانستان ودليل الاغاثة والاعمار»، وهو الآن في طريقه للطباعة بإذن الله لتعم به الفائدة لكل العاملين في مساعدة الشعوب الاسلامية المستضعفة. فأسأل الله ان يعود المشروع الى الساحة مرة أخرى، وتبدأ مكانته الاولى في العمل الخيري كما كان، وان يكتب الله الثواب لابناء وبنات شعبنا المعطاء.. قلب الاسلام النابض.