عقم سياسة شارون والنهج الفلسطيني المطلوب

TT

يستطيع رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون وجيشه الحاق الاذى بالشعب الفلسطيني. قد يدمر البيوت ويقتلع الاشجار ويحرق الاخضر واليابس ولكنه لن يستطيع هزيمة او كسر الشعب الفلسطيني، ومصيره الفشل والاندحار وسيبقى الشعب الفلسطيني وستبقى قضيته حية بانتظار الحل العادل.

فشل شارون وسيفشل لانه لم ولن يحقق السلام والاستقرار لليهود في اسرائيل، وفشل وسيفشل لانه لم ولن يستطيع تطويع الشعب الفلسطيني او اجباره على الاستسلام لهيمنته وغطرسته، وفشل شارون وسيفشل لان ممارسات حكومات اسرائيل وخصوصا حكومة شارون الحالية وحكومة باراك السابقة نتيجة لممارساتها العنيفة نجحت في تكريس عداء استراتيجي ليس فقط تجاه دولة اسرائيل ولكن تجاه الشعب اليهودي بكامله في كل انحاء العالم، حيث ان العداء العربي والاسلامي الشعبي وعداء قطاعات كبيرة من شعوب العالم بمن فيهم من تسميهم اسرائيل بالمعادين للسامية، قد ازداد بشكل غير مسبوق الأمر الذي يترتب عليه من وجهة نظر اسرائيلية ابعاد كبيرة وخطيرة لا يعرف مدى اخطارها احد اكثر من اليهود الذين دفعوا في الماضي ثمنا باهظا لهذا العداء.

فشل شارون وسيفشل لان الاوضاع الاقتصادية في اسرائيل وصلت الى حالة سيئة، وفشل لان اعدادا كبيرة من اليهود هاجروا وتركوا اسرائيل (حوالي مليون شخص حسب معطيات اسرائيلية) نتيجة لعدم الاستقرار وغياب الامن في اسرائيل.

ولكن ويا للأسف، فان فشل شارون وحكومته لا يعني نجاح السلطة والقيادة الوطنية الفلسطينية. فشل شارون يعود الى صمود ومثابرة الشعب الفلسطيني وتكيفه مع كل شيء رماه ويرميه به شارون. الشعب الفلسطيني هو الدرع الحامي للسلطة والقيادة الوطنية الفلسطينية، وقد كانت السلطة وما تزال قادرة على تقليل الاضرار والمعاناة التي ألمت ولحقت بهذا الشعب لو انها قرأت الخارطة السياسية في اسرائيل أو انها قرأت واستوعبت خارطة العالم وتوجهاته قبل وبعد 11 سبتمبر (ايلول) 2001.

نهج القيادة الفلسطينية في الحكم والادارة لا بد له من ان يتغير ويتبدل بما يتناسب مع المتغيرات من حولنا، ووتيرة التغير هذه لا يجوز لها ان تكون بطيئة، قليلة ومتأخرة. بالامكان هزيمة سياسة شارون وحكومته من خلال تبني سياسة سلام واضحة مبنية على الثوابت الوطنية الفلسطينية المعروفة. ومن المهم ان تسير كافة الفصائل والحركات الوطنية والاسلامية خلف القيادة الفلسطينية وقرارات السلطة الوطنية الفلسطينية وان تترسخ وحدانية السلطة في المسؤولية واتخاذ القرار والتمسك به وتنفيذه.

ومن منطلق المصلحة الوطنية الفلسطينية لا بد من رسالة سلام فلسطينية واضحة للعالم وللشعب الاسرائيلي واعطاء الفرصة الكافية لآليات التفاوض والوساطات الاوروبية والاميركية للعمل. في نفس الوقت، لا بد للقيادة الفلسطينية من ان تنظر داخليا الى البيت الفلسطيني من أجل توطيد دعائم بنيان هذا البيت، تعظيم قدراته وتحسين ادوات حكمه وايلاء القانون والقضاء الاهمية المطلوبة لانه بدون وجود قضاء مستقل ونزيه لا امل في بناء دولة يستحقها هذا الشعب طال انتظاره لها.