من سيحمي الديمقراطية في وطننا العربي

TT

في مقال للكاتب أحمد الربعي في عدد الثلاثاء 2001/12/18، تحدث فيه عن المستعمر الوطني وكيف أن السبيل الوحيد لتطور هذه الأمة هو التوقف عن التصفيق للديكتاتور ومواجهة الحقيقة من دون الجري وراء الشعارات.. في الحقيقة ومع أنني على خلاف شبه دائم مع ما يتناوله الربعي، إلا أنني أجد نفسي هنا في خندق واحد معه، حيث ان طرق إدارتنا للصراع العربي ـ الإسرائيلي وما نجم عنه من صعوبات سياسية واجتماعية واقتصادية قد أثبتت وعلى مدار أكثر من نصف قرن انها فاشلة بدرجة جيد جداً، إن لم يكن بدرجة امتياز، ومن هنا فلا بد من إعادة النظر في طريقة ادارتنا لهذا الصراع بما يتناسب مع ما يوجد في العالم من معطيات جديدة.

لقد قال الرئيس الأميركي إن العالم قبل 11 سبتمبر (أيلول)، لم يعد العالم نفسه بعد 11 سبتمبر، وفي ذلك الوقت لم ندرك معنى هذه العبارة جيداً، خاصة أن الشمس قد أشرقت من مكانها بعد هذا التاريخ ومن دون أي تغيير، لكن بعدما شهدناه في أفغانستان وبعد الذي يحصل الآن في فلسطين وكيف أن أحداً من العالم لم يحرك ساكناً، على الرغم من المجازر التي يرتكبها شارون يومياً، لا بد أن يدرك أن العالم قد بدأ يتغير فعلاً، حتى خطاب الرئيس عرفات الأخير الذي حاول أن يكون فيه حازماً صارماً لم يلق قبولاً من العم سام الذي اتهمه باطناً بأنه يقول ما لا يفعل. إذاً ان عالما آخر قد تمخض بعد أحداث سبتمبر ويجب علينا أن ندرس متغيراته بكل عناية ودقة، وهنا يكمن السؤال الكبير: كيف يمكن لنا نحن العرب أن نواجه هذه المتغيرات الجديدة ونحن الذين لم نحسن التعامل مع الكثير من المتغيرات التي ألمت بمنطقتنا على مدى أكثر من نصف قرن، حيث وصلنا إلى مرحلة تستخدم فيها إسرائيل شتى أنواع الأسلحة لقتل أبنائنا من دون أن يحتج الضمير العالمي على ذلك؟ ان التوقف عن التصفيق للديكتاتور وعن الجري وراء الشعارات وأوهامها قد يكون خطوة في طريق الألف ميل، لكنها ولا شك الخطوة الأكثر صعوبة، حيث ان هذه الخطوة بحاجة إلى مساحة من الحرية وهامش من الديمقراطية وهاتان تعتبران شرا مطلقا للعديد من دولنا، لذا نسأل الكاتب أحمد الربعي: من سيحمي هذه الخطوة والسائرين على هديها في الوقت الذي لا تزال فيه سجون العديد من دولنا العربية حبلى بالكثير من سجناء السياسة ومعتقلي الرأي؟