ألاعيب سياسية

TT

* أود أن أعلق على مقال عبد الرحمن الراشد «ميردوخ: المسلمون يتحملون مسؤولية الإرهاب»، المنشور بتاريخ 12 يناير (كانون الثاني) الحالي، بالقول إننا ما عرفنا عن السياسة وألفنا غير أنها لعبة قذرة، ألفنا أنها فن الكذب وفن الخداع وفن المكر، ولا تقتصر على فن الممكن فقط كما يقال عنها. أنا لست من هواة نظرية المؤامرة التي يعتمد أساطينها الوهم والخيال في أطروحاتهم، لكن هناك أحيانا وقائع ثابتة لا يمكن إنكارها تشي بأن الأمر لا يخلو من رائحة السياسة، والتي دائما ما ترتبط بشكل وثيق بالعمل الأمني والاستخباراتي، فبعد الحوادث الأخيرة التي وقعت في باريس ظهر رئيس الوزراء الفرنسي مباشرة ليقر بوجود قصور ملحوظ في عمل المنظومة الأمنية والاستخبارتية في بلاده!.. وظهر أيضا أن مرتكبي الحادث أصحاب سجل حافل مرتبط بالإرهاب والمنظمات الإرهابية، ويُعرف عنهم كل شيء تقريبا وبالتفصيل، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل ونوعية الأسلحة التي بحوزتهم ومستوى قاذفات الصواريخ، كما ثبت أن ثمة تحذيرات جزائرية أُبلغت لفرنسا حول وقوع الحادث، وأيضا تلك السرعة العجيبة في التعرف على هويات مرتكبي الحادث بعد فترة وجيزة جدا من وقوعه. كل تلك أمور تطرح تساؤلات كثيرة، ألا يفسر كل ذلك أن السياسة حاضرة؟ فمثلا ماذا عن الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الآتين من الشرق الأوسط وأفريقيا من الذين تقذف بهم السفن المتهالكة في عرض البحر، أو تقوم قوات حرس السواحل الأوروبية بانتشالهم من قواربهم الغارقة، والتي تعتبر فرنسا قبلتهم الأولى، ألا يمكن أن تُستغل تلك الحادثة لإصدار تشريعات وسن قوانين لرد أولئك على أعقابهم خائبين، و«تطفيش» من وصل منهم بالفعل، والتمهيد لحملات الملاحقة والترحيل ليس في فرنسا وحدها، ولكن في دول أوروبية أخرى أيضا.. فقد أعلنت إسبانيا على أثر الحادث عن عزمها مراجعة اتفاقية «شينغن» الخاصة بالتأشيرة الأوروبية الموحدة، كل تلك الأمور واردة في السياسة أو هكذا تعلمنا منها.

عبد العزيز بن حمد [email protected]