السقوط من القمة

TT

أود أن أعلق على مقال سمير عطا الله «السياحة التركية»، المنشور بتاريخ 18 يناير (كانون الثاني) الحالي، بالقول: إن ما حققه رئيس بلدية إسطنبول لتركيا من ازدهار سريع لم يحققه زعيم دولة قبله، أو لنقل إنه قدم نموذجا في الإبداع وإرادة العمل والبناء أثار به انبهار العالم من حوله، حزب إسلامي مضطهد يقود دولة علمانية عنيفة ومتعصبة إلى مثل هذا المستوى من المجد والتقدم في غضون فترة وجيزة جدا على مقياس تقدم الأمم والشعوب. إنها بحق من حيث القدرة على التآلف مع دولة أتاتورك العميقة والتواشج مع قيم الحداثة الأوروبية والإعجاز في الإنجاز أحجية، لم أهتم بالزوابع الإعلامية التي بدأت تُثار ضد إردوغان وتتصاعد، لكن الذي يلفت انتباهي بشدة هي الزوابع التي ثابر إردوغان نفسه على إثارتها حول شخصه في الآونة الأخيرة، فبدأ يبدو لي أن الرجل ساعة تربع على القمة فقد توازنه واختلت موازينه، كأنه ليس هو ذاك الرجل الذي كافح بإخلاص وهو يتسلق جبل المجد نحوها، حجرا حجرا، منعطفا منعطفا، ومن سفح إلى سفح، بل كأنه رجل عادي موتور أنزلته مروحية على القمة لينتحر. لا يُعقل أن إردوغان يتصرف تصرف غير المصدّق أو غير الواثق بأنه على القمة، وإلا فهو الغرور. يُقال: «صعب أن تصل للقمة إنما الأصعب أن تحافظ على استقرارك عليها»، وأشعر أن الرجل فقد توازنه عليها، بدا من التهويش والوعيد والصور التي يلتقطها بخلفية عثمانية، في حالة انعدام وزن. الصورة التي التقطت له مع أبو مازن كانت غريبة وعجيبة، خلفية الصورة موثقة على هذا النحو: «رجال بقامات طويلة وضخمة يرتدون بزات الحروب العثمانية وعدتها وعتادها، متحفزون ومتنمرون، ويتدرجون بالتناظر الجمالي المحسوب على سلم.

منذر بشري [email protected]