حدود الحرية

TT

* بعد قراءتي مقال د. عبد الوهاب الروحاني «عندما يتدخل الرقيب!»، المنشور بتاريخ 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، أود أن أقول: ليست هناك حرية مطلقة على الإطلاق فيما عدا حرية الإنسان في نفسه، وحتى هذه الحرية مقيدة بتعاليم الله الخالق فإن أساء الإنسان إلى نفسه فسوف يحاسبه الله على ذلك، أما الحرية المطلقة فإنها تعني الفوضى المطلقة. إن الحرية لا بد أن تكون لها حدود تقف عندها ولا تتعداها، فحرية الشخص يجب أن تقف عندما تبدأ حرية الآخر حتى لا يحدث تصادم بين الحريات ويبدأ الصراع، هذا فيما يتعلق بالحرية بصفة عامة، أما فيما يتعلق بحرية الرأي أو التعبير فهي لا تخرج عن الأصل العام وهو أنها ليست مطلقة وإنما مقيدة بعدم تجاوزها إلى الإساءة إلى الآخر باسم الحرية وإلا أصبحت هذه الحرية مصدرا للصراعات، فأي إساءة إلى الآخر أو تجاوز في التعبير عن الرأي الموضوعي وتخطي هذا التعبير إلى تعمد الإساءة إلى الآخر لا تدخل في تعريف الحرية وإنما تعتبر من قبيل الإهانة والإساءة إلى الآخر، فإذا تحدثنا عن الرسوم المسيئة إلى الرسول التي قام بها بعض صحافيي المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو» على سبيل المثال فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن نعتبر هذه الرسوم تدخلا في نطاق حرية التعبير والإبداع لسبب بسيط وهو أن هذه الصور هم ابتدعوها من وحي الخيال بقصد الإساءة إليه، هنا لنا وقفة. هذه ليست حرية يا سيدي هذه وقاحة وقلة أدب، ومن فعلوا ذلك لا يقصدون سوى إثارة مشاعر المسلمين وهذا لا يعني أنني أوافق على الجريمة البشعة التي ارتكبها بعض الموتورين فهذا مرفوض تماما والرسول ليس في حاجة إلى من يدافع عنه ويكفيه تكريم الله له في كتابه العزيز بقوله له «وإنك لعلى خلق عظيم»، وهذه الرسوم لا تساوي مثقال ذرة من الإساءات البالغة التي تعرض لها على أيدي الكفار ومع ذلك لم يرد الإساءة بإساءة مثلها وإنما فوض أمره إلى الله فمثل هذه الأمور التي تحدث اليوم يجب أن تعالج بالعقل والحكمة لا بالسلاح والقتل. الحرية ليست حريتك وحدك وإنما هي أيضا مراعاة حريات الآخرين، ونخلص من ذلك إلى أنه لا بد من تدخل مقص الرقيب في مثل هذه الحالات التي تسيء إلى الآخر طالما أن الإعلامي أو الكاتب أو الرسام لم يراع قواعد وأصول المهنة وآدابها من تلقاء نفسه وتجاوزها إلى درجة الإساءة للغير.

فؤاد نصر [email protected]